دعا أمين عام التراث والمدير السابق لقسم الأبحاث الأثرية المغمورة بالمياه في فرنسا، ميشيل لور، يوم الثلاثاء الماضي بالرباط، السلطات في جميع البلدان إلى الاهتمام بالتراث المغمور بالمياه الذي يعتبره موردا مهددا، على غرار موارد الثروة السمكية.
وشدد الخبير العضو في الأكاديمية البحرية في تصريح للصحافة، على هامش مشاركته في الندوة الدولية التي إستضافتها الرباط حول “التراث المغمور بالمياه في عصر التكنولوجيا الحديثة”، شدد على أن “المحافظة على هذا التراث يجب أن تتم من خلال الدراسة” في ظل التحديات المناخية التي تتسبب في ارتفاع منسوب المياه وزيادة العواصف، حيث دعا في ذات السياق البلدان التي لم تصادق بعد على اتفاقية اليونسكو لعام 2001 بشأن حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه، إلى المصادقة عليه، نظرا لأنها تمثل “ترسانة قانونية وتفكيرا مشتركا في حماية التراث”.
ومن أجل تنفيذ خطوات حماية التراث الثقافي المغمور بالمياه وتعزيزه، نبه الخبير إلى أهمية “عملية زيادة الوعي” لدى الأطفال والبالغين، من أجل تعميم المعرفة المتعلقة بهذا التراث. فيما نوه في ذات السياق بتنظيم المغرب لندوة عليمة تهتم بهذا الموضوع الإسترتيجي. فيما أتاح اللقاء العلمي الذي نظم تحت الرعاية السامية لصاحب الجلالة الملك محمد السادس، على مدى يومين، الفرصة للخبراء للالتقاء ومناقشة أحدث التطورات التكنولوجية التي تركز على التراث البحري والتراث المغمور بالمياه، مثل فضلا عن أهمية الترويج لهذا التراث والحفاظ عليه.
وأجمع المتدخلون على أن “حفظ الآثار المغمورة بالمياه يجب أن يؤخذ أكثر بعين الاعتبار.” خصوصا وأن البحر يحوي “تراثا هائلا وتنوعا كبيرا للغاية “. بل أكثر من ذلك فالكثير من المهتمين يرون في البحر “المتحف الأكبر في العالم بإعتباره يغطي 70 % من الكوكب، مبرزين أن هذا المتحف الطبيعي يفتقر للأمن ويعاني من نقص في التشريعات وفي الإمكان عبوره من دون ضوابط”. خصوصا وأن منظمة اليونيسكو تقدر أن هناك ملايين القطع البحرية الغارقة حول العالم وغيرها من المواقع التاريخية المغمورة بالمياه.
ويعرف المغرب في السنوات الآخيرة نقاشا قويا حول التراث الثقافي المغمور بالمياه، فيما يرى عدد من المهتمين أن صانعي القرار قد تأخروا كثير في تعزيز العناية بهذا الثرات، الذي يختزن الكثير من الأسرار بخصوص الحضارة المغربية الضاربة في التاريخ .
ويشدد متدخلون محليون على ضرورة “إيلاء أهمية أكبر للتراث الثقافي المغمور بالمياه و منح إمتيازات للجمعيات الفاعلة على أسس ممارسة النشاط والفاعلية ، ورصد جوائز للمكتشفين لتحفيزهم وتشجيعهم على العطاء أكثر ” ، مع العمل على إنشاء مؤسّسة أو مرصد يتولّى الحفاظ على التراث الثقافي المغمور بالمياه ، إلى جانب وضع قاعدة بيانات تضمّ خريطة ومواقع الآثار ومواقع الذاكرة الوطنية والتاريخية بكل الجهات المغربية.
يذكر أن وزير الشباب والثقافة والتواصل، محمد المهدي بنسعيد كان قد أعلن الإثنين الماضي بالرباط، عن إحداث المركز الوطني للدراسات والأبحاث حول التراث المغمور بالمياه. كما دعا الباحثين إلى دعم هذا المشروع، مؤكدا أن المملكة ملتزمة ببذل كافة الوسائل اللازمة للنهوض بهذا التراث.