كشف تقرير حديث صادر عن المجلس الأعلى للحسابات مجموعة من التحديات التي تواجه ميناء طنجة المتوسط، على الرغم من كون الميناء قد حسّن نسبيًا حصته من نشاط الاستيراد والتصدير؛ حيث ارتفعت من 2,6 في المائة سنة 2010 إلى 7,8في المائة سنة 2019» غير أن هذا المعدل يبقى منخفضًا مقارنة ببعض الموانئ الأجنبية التي تعتمد توجها استراتيجيا يجمع بين نشاطي المسافنة والاستيراد-التصدير.
وسجل التقرير أن رواج المسافنة يعد أقل هيكلة بالنسبة للمنطقة الخلفية للميناء؛ حيث لا يساهم هذا النشاط بشكل هام في التأثير على هاته المنطقة. حيث أوضح المجلس أن المناطق الخلفية الموسعة للمركب المينائي طنجة المتوسط لا تستفيد بشكل كامل من مزايا شبكة الربط البحري الواسعة لهذا المركب؛ وكذا من أدائه؛ حيث لا يزال نشاط الاستيراد والتصدير عبر هذا الميناء مرتبطا بشكل أساسي بالمنصة الصناعية طنجة المتوسط (حوالي 80 في المائة من رواج الحاويات). وبالرغم من التطور الملحوظ لربط المغرب بالأروجة اللوجيستيكية العالمية؛ لا يستفيد المستوردون والمصدرون بشكل كاف من هاته المميزات. وذلك بسبب تكلفة النقل» حيث يهيمن النمط الطرقي على ربط المركب المينائي طنجة المتوسط بمناطقه الخلفية الموسعة؛ رغم أن هذا النمط يتميز بتكلفته العالية (تمثل تكلفة الشحن بالشاحنات بين الدار البيضاء والمركب المينائي طنجة المتوسط، حوالي 40 في المائة من إجمالي تكلفة الشحن إلى الصين).
واضاف التقرير أن استخدام خدمات الربط السككي بالمركب المينائي طنجة المتوسط تميز خلال الفترة 2010-2019 بضعف رواج الحاويات المنقولة؛ وذلك بسبب عدم تكييف الخدمات المقدمة مع حاجيات الزبناء؛ فضلاً عن ضعف قدرتها التنافسية من حيث التكلفة. إذ نبه المجلس أنه في حالة توفير ربط سككي فعال؛ يُمكن للمركب المينائي طنجة المتوسط جذب رواج استيراد-تصدير للحاويات يقارب 145 ألف حاوية سنويًا.
من جهة أخرى رصد التقرير، أن مسافنة جزء هام من رواج استيراد-تصدير الحاويات المتجه من وإلى الدار البيضاء؛ والمقدر بنحو 300 ألف حاوية سنة 2018؛ تتم في بعض الموانئ الأجنبية. ويرجع هذا الوضع جزئياً إلى توفر عدد أكبر من خطوط الشحن المنتظمة إلى ميناء الدار البيضاء على مستوى هذه الموانئ الأجنبية؛ فضلاً عن التواجد المتزايد لمقدمي خدمات السفن. وبالإضافة إلى ذلك؛ يتميز عرض المساحلة الوطنية بصعوبات على مستوى الحفاظ على حجم الأسطول المشغل، وكذا توسيع نطاقه بسبب القيود الملزمة للانتماء للأسطول الوطني.
وأوصى المجلس الأعلى للحسابات الحكومة؛ وخاصة الوزارة المكلفة بالنقل واللوجستيك والوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجستيكية بمراجعة الاستراتيجية الوطنية لتطوير التنافسية اللوجستيكية، وكذا الإطار العام لحكامة قطاع اللوجستيك؛ وتسريع وضع نموذج لتطوير وتسيير المناطق اللوجستيكية مع إعطاء دور أكبر للجهات؛ والتفكير في آليات تحفيزية وحلول تشاركية مع القطاع الخاص.
كما أوصى المجلس يضيف التقرير، بالشروع في إنشاء ممرات لوجستيكية؛ وخاصة الممر “المغرب-طنجة المتوسط العالم”؛ مع وضع هيكل حكامة فعال لهذا الممر بمشاركة الفاعلين الرئيسيين (وزارة التجهيز والنقل؛ والوكالة الخاصة طنجة المتوسط؛ والمكتب الوطني للسكك الحديدية؛ والوكالة المغربية لتنمية الأنشطة اللوجيستيكية؛ وإدارة الجمارك والضرائب غير المباشرة؛ والاتحاد العام لمقاولات المغرب.. ). وحث المجلس أيضا على ضرورة تسريع هيكلة قطاع النقل الطرقي للبضائع؛ وكذا على وضع التدابير اللازمة لتحسين عرض وظروف نشاط المساحلة وتطوير قدرات الأسطول الوطني.
إلى ذلك أوصى المجلس بشكل خاص، المكتب الوطني للسكك الحديدية بتسريع وضع عرض تنافسي للربط السككي يتناسب مع احتياجات الزبناء؛ وذلك بهدف تحسين حصة الربط السككي في حركة استيراد وتصدير الحاويات بالمركب المينائي طنجة المتوسط. كما يحثه على تعزيز القدرة التنافسية للربط السككي مقارنة بالأنماط الأخرى، من خلال الإسراع بتنفيذ مشروع توسيع نطاق شبكة السكك الحديدية إلى المحور الاقتصادي لأكادير؛ وتعزيز القدرة الاستيعابية لمحور القنيطرة-طنجة.
كما دعا المجلس يفيد ذات التقرير الذي إطلعت على تفاصيله جريدة البحرنيوز، الوكالة الخاصة طنجة المتوسطء بإعداد استراتيجية تسويق متكاملة للعرض اللوجستيكي لشركة ميدهوب، وضمان توفر عرض مناسب من حيث عدد المستودعات الجاهزة لتلبية احتياجات الزبناء المحتملين وذلك بأسعار تنافسية. كما يوصي الوكالة بأخذ سياق ندرة الأراضي بعين الاعتبار، بشكل أفضل من خلال تحديد مخطط لتطوير المنطقة الحرة اللوجستيكية (ZFL) بشكل أكثر انتقائية؛ وذلك عن طريق إعطاء الأولوية لمعالجة التدفقات المتعلقة بالمحور “عالم-عالم” واستقطاب الزبناء الذين يوفرون حجما معينا من التدفقات يمكّن من خلق حركية فيالقطاعات التي يشتغلون بها.
وكان التقرير قد اشار إلى أن الغلاف الاستثماري الإجمالي لبرنامج تنمية طنجة المتوسط إلى غاية نهاية سنة 2019؛ بلغ ما مجموعه 98 مليار درهم (38 منها في المائة منها عمومي و62 في المائة قطاع الخاص). ويشمل هذا البرنامج المركب المينائي طنجة المتوسط الذي يشكل منصة استراتيجية للمسافنة ( حيث شكل هذا النشاط خلال الفترة الممتدة من 2010 إلى 2019؛ ما مجموعه 92 في المائة من نشاط الحاويات)؛ بالإضافة إلى المنصة الصناعية طنجة المتوسط التي تمتد على مساحة 1.070 هكتار وتشمل حوالي 700 شركة موجهة بالخصوص نحو الاستيراد والتي توفر 70.000 منصب شغل. وقد مكن هذا التوجه المركب الميناني طنجة المتوسط من احتلال المرتبة 35 عالميًا والرابعة على صعيد البحر الأبيض المتوسط» من حيث رواج الحاويات؛ وذلك خلال سنة 2019.