كشفت مصادر مهنية من الداخلة أن سيدة محسوبة على المهاجرات السريات، التي تم تقديم المساعدة لهن أمس من طرف قارب الصيد “أم القصر”، قد أسلمت روحها لبارئها ليلة أمس، على متن ذات القارب. حيث ظلت تنتظر رفقة باقي المهاجرات والمهاجرين السريين الذين تم إجلاؤهم بعد إنقلاب قارب كانوا على متنه قبالة مياه الداخلة، تسلمهم من طرف السلطات المختصة. وهو الإنتظار الذي لا يزال متواصلا إلى حدود هذه اللحظات، في ظروف مأساوية. خصوصا وأن الجهات المختصة تفرض الحجر الصحي على كل غريب قادم عبر البحر بعد إغلاق حدودها البحرية، حتى وأن وزارة الصيد منعت في وقت سابق إنتشال جثث الغرقى تفاذيا لأي إصابة بفيروس كورونا المستجد.
ووفق ذات المصادر، فإن تمسك السلطات بعدم تسلم المهاجرين إلا بعد مضي أسبوعين المحددة كحجر صحي ، خلف تدمرا كبيرا في أوساط كل من طاقم قارب الصيد المذكور، وكد إحدى سفن الصيد في أعالي البحار، التي قدمت بدورها المساعدة لثلاث مهاجرين سرين، في ذات الحادث. وهو ما جعل ربان السفينة يأخذ قرارا من خلال سلطته التقريرية، على متن السفينة، بالعودة إلى المصايد قبالة مياه الداخلة، رفقة المهاجرين الثلاث الذين عبروا عن إستعدادهم لمرافقة طاقم الصيد ، فيما عاش الربان على وقع ضغط رهيب، من طرف طاقمه من البحارة الراغبين في العودة إلى المصيدة في أقرب وقت خصوصا وان السفينة تبقى محجرة ومعزولة بالبحر، بعيدة عن أي إختلاط بالبشر.
وفي تصريح صوتي توصلت به البحرنيوز من صالح ربان قارب الصيد “أم القصر”، أكد أن فرض الحجر الصحي على قاربه، هو أمر غير معقول. لأن القارب لايستحمل المكوث محجوزا وعلى متنه أرواح بشرية لمدة أسبوعين، مؤكدا في ذات السياق أن وضعيته الإجتماعية ، لا تسمح أيضا بتوقيف نشاطه في هذه الظرفية. إذ هناك إلتزامات إجتماعية تمثل في كونه رب أسرة، وتنتظره مصاريف المعيشة والكراء، كما أنه مسؤول على أبوين، هما في أمس الحاجة لمصاريف، تعينهم على تدبير حاجيات الظرفية.
مولاي الحسن الطالبي العضو بغرفة الصيد البحري الأطلسية الجنوبية، أكد في تصريح للبحرنيوز، أن الإشكالية المطروحة اليوم تتمثل أساسا، في غياب التنسيق والهروب من تحمل المسؤولية. مبرزا أن النازلة دفعته إلى إجراء إتصالات مع عدد من المسؤولين، على المستوى المحلي كما على المستوى الحكومي. وذلك في إنتظار إيجاد حل للواقعة . فمن غير المعقول يقول الطالبي، أن يتم التعاطي مع قارب قدم خدمات جليلة، يمليها الضمير الإنساني، في إنقاذ أرواح بشرية من الغرق، ليتم التعامل معه بنوع من اللامبالاة.
وسجل عضو الغرفة الجنوبية، انه من العيب ترك أشخاص في ظروف صعبة، بينهم سيدة متوفية لساعات ينتظرون قرارا من السلطات، في قطعة بحرية لا تتسع لهم جميعا، وتفتقد لأبسط شروط ومتطلبات الحضور البشري. ليختم كلامه للبحرنيوز بدعوة، مختلف المتدخلين إلى التدخل العاجل من أجل رفع الضرر، الذي لحق طاقم الصيد بعد عمله الإنساني النبيل.
وخلقت الواقعة نقاشا عاما في أوساط رجال البحر، بين التنصيص على تكرس الواجب، في تجلياته الإنسانية، خصوصا من حيث تقديم المساعدة لأشخاص يواجهون صعوبات بالبحر، والذي تنص عليه القوانين الدولية، ومخاوف الوقوع تحت الحجر الصحي، إحتياطا لتلافي أي إصابة بالفيروس، في حالة ما إذ كان أحد المهاجرين، حاملا للجائحة. وهو ما يضيع على مراكب وقوارب الصيد أياما من العمل.
وفتح الحادث الذي وقع أمس جانبا آخر من التحديات، فبعد إغلاق الحدود البحرية والمعابر البرية والجوية، تجد الدولة نفسها في مواجهة مع مثل هذه الحوادث، التي قد تكون سببا في إدخال الفيروس، لاسيما وأن شبكات تهريب البشر عمدت إلى إستغلال هذه الظرفية. حيث الدول منشغلة بالصراع مع الفيروس المستجد، في تنظيم رحلات سرية قد ينتهي بها المطاف، في حوادث مشابهة لما وقع. وهو المعطى الذي يفرض الكثير من اليقظة على مستوى الحدود البحرية للبلاد.