إشادة كبيرة تلك التي عبر عنها رواد مواقع التواصل الإجتماعي، نظير التضحيات الكبيرة التي راكمها مول الفلوكة، التابعة لمركب الصيد “أتيك”، بعد أن إستطاع بفضل تدخلاته البطولية إجلاء 19 بحارا، من أصل 30 بحارا كانو على متن مركب الصيد “عبد المغيث”، الذي جنح أمس الجمعة إلى سواحل طرفاية.
فالمتابع لسلسلة الأحداث التي رافقت عملية الإنقاذ كما وثقتها الصور وأشرطة الفيديو المتداولة على نطاق واسع في الأوساط المهنية، سيرفع القبعة لا محالة لتدخلات عبد الله صوصو، الإسم القادم من منطقة تدارت ضواحي مدينة أكادير، إذ لم يتمالك نفسه وهو يضاعف من مجهوداته، مواجها الموت بعزيمة قوية، شعارها إجلاء البحارة المحاصرين بين الأمواج مهما كلف الثمن. وذلك في وقت تقاعست فيه عدد من المراكب، التي كانت متواجدة في ميناء المدينة على الخروج لمد يد العون لبحارة، هم في أمس الحاجة لتضحيات شهمة من طرف زملائهم.
عبد الله صوصو كان يستحضر هذا المعطى ، مؤمنا يكون الأرواح في يد الله، لكن الإستسلام للموت أمر غير ممكن، ما دام هناك فجوة يمكن الإنسلال منها لخطف المحاصرين، مستعملا في ذلك قاربه، الذي أنشأ معه علاقة حب وإخلاص منذ 10 سنوات خلت، حيث إنتقل من عمله كبحار على متن مركب عبد المغيث، إلى “مول الفلوكة”. وهي الوظيفة المتسمة بالخطورة، لكونها حصدت عشرات الأرواح في العقود الأخيرة.
“لم نكن لنستطع إجلاء البحارة لولا التضحيات والتدخلات الكبيرة ل عبد الله صوصو”، هكذا يعبر الحسين أفقير ربان مركب أتيك، الذي يستعيد لحظة إخباره من طرف مقابل المركب، بكون بحارة “أتيك” يعانون من الخطر المحدق، بعد جنوح مركبهم بسواحل الإقليم ، ليتحرك على عجل، رفقة طاقمه أملا في إنقاذ البحارة المحاصرين.
“كان الريح قويا ، وكانت الأمواج كبيرة ، كما أن الظلام الدامس، صعب من مهمة الوصول إلى المركب المنكوب على متن المركب”، يقول الحسين أفقير، ليتم الإهتداء لإستعمال قارب الصيد التابع للمركب. حيث تحرك عبد الله صوصو بشجاعة كبيرة ، متشبعة بنخوة المغربي الأصيل، متمكنا من إجلاء 11 بحارا، قبل أن يتم إجلاء 8 بحارة أخرين مع بزوغ الصباح. فيما تناوب على إنقاذ البحارة 11 الأخرين، بعض القوارب التقليدية، ودراجة جيت سكي تابعة للوقاية المدنية.
مر الحادث بسلام على مستوى الأرواح البشرية، لكن لن ينسى البحارة تدخلات عبد الله صوصو البالغ من العمر 37 سنة، كوجه تعجب من تدخلاته ملاك الموت، لحرصه على أرواح زملائه، باعثا إشارات إيجابية بخصوص العلاقة التي تربط المكونات البحرية. فشخصية مثل عبد الله لو كانت بدولة أوربية، لسلطت عليه الأضواء والكاميرات، بكبريات القنوات الثلفزية والإذاعية، وجعلوا منه بطلا قوميا، لكن في إنتظار ما ستحمله الأيام القادمة، ستصنع من بطولاته الرجل “سبير مان بحري”، يتداولها البحارة، ومعهم الأبناء والأحفاد، وهو الأب لثلاثة أبناء بينهما بنتين.