لازال الوسط المهني مكتويا بفاجعة مركب “هاجر 2” أمس الثلاثاء بسواحل أوسرد جنوب الداخلة المغربية، التي راح ضحيتها 12 بحارا تم إنتشال 10 منهم، فيما لايزال إثنان في عداد المفقودين ، حيث تواصل الجهات المختصة تحقيقاتها في الحادث من خلال الإستماع للبحارة الخمسة الناجين بما فيهم ربان المركب.
أكيد أن الكثير من المعطيات تسرّبت على خلفية النازلة، التي يربطها كثيرون بالخطأ البشري، والذي كان ضحيته بشكل رسمي 10 بحارة، في إنتظار ما سيتم إعلانه بخصوص البحارين المفقودين، لكن هذا لا يجب أن ينسينا بأن الضحايا 10 الذين تم إنتشالهم ، وجدت جثهم طافية فوق المياه ، وهو ما يؤكد أن البحارة قضوا بسبب عدم تحمل الثيارات البحرية ، وفقدانهم الجهد في مقاومة برودة المياه وفق الروايات المتطابقة لفاعلين محليين، خصوصا وانه بين وقوع الحادث وعملية الإنتشال ساعتين على الأقل .
وحتى لايمر هذا الحادث مرور الكرام، لاسيما في ظل الخسائر الكبيرة في الأرواح ، يتجدد النقاش بخصوص وسائل الإنقاذ على متن مراكب الصيد ، فإذ كان الكل يجمع أن الجثث التي تم إنتشالها يعود الفضل فيها لسترة النجاة والتمسك ببعض العوامات، فإن الكل يؤكد بأن الخسائر كانت ستكون اقل، لو كان المركب يتوفر على رماثة النجاة ، التي أقرّتها إدارة الصيد للمراكب مند سنة 2021، دون أن يجد هذا القرار طريقه للتعميم ، حيث بقي هذا القرار يصطدم بمزاجية المجهزين، فنجد مراكب عزّزت ألياتها بهذه الرماثات فيما لازال السواد الأعظم غير مبالي بهذا القرار .
كثيرون أكدوا للبحرنيوز أن مصالح إدارة الصيد لم تتعامل مع هذا الأمر بالصرامة الكافية، كما فعلت مع vms وراديو فاليز ، والذين تم إقرارهما ضمن تجديد رخص الصيد، كأحد الشروط التي من المفروض حضورها على متن المركب ليكون مؤهلا للإبحار. فيما ظل كل من سترة النجاة من الجيل الجديد ووطوافات النجاة أمرا إختياريا رغم رسمية الإقرار، حتى وإن كان كثيرون يؤكدون أن تزامن تنزيل القرار تزامن مع الأزمة الصحية وتبعاتها الإجتماعية، وهو ما غيّب الصرامة وتم تغليف القرار بالجانب التحسيسي، بالنظر لحجم القوافل التحسيسية التي تم تسخيرها لهذا الغرض من طرف الإدارة الوصية.
وإعتبر ذات الفاعلين في تصريحاتهم المتطابقة للبحرنيوز، أن إدارة الصيد من المفروض عدم التساهل في تنزيل قرارات من هذه القيمة ، مهما كلّفها الأمر، لأن الرهان الكبير والإسترتيجي هو حماية الأرواح، والقطع مع شعار الداخل للبحر مفقود والخارج منه مولود جديد. فما دامت هذه الرماثات ستقدم الإضافة، وستنقد ما يمكن إنقاذه ساعة الخطر ، أصبح من اللازم تفعيل القرار، لأنه في آخر المطاف لن يكلف المراكب الشيء الكثير مقارنة مع قيمته الإجتماعية، في صيانة الأرواح. كما أن الشركات المتخصصة في توفير هذا الطوافات، تؤكد بما لا يدع مجالا للشك، خروج المعدات البحرية من دائرة الخصاص على مستوى التموين، الذي رافق الأزمة الصحية ، وأصبحت الشركات جاهزة تمام الجاهزية، في توفير قوارب النجاة بمختلف أشكالها وأحجامها .
وكانت إدارة الصيد قد شددت في قرار تحت رقم 004/21 صادر بتاريخ 3 مارس 2021، بشكل يكتسي طابع الإلزام في مادتيه الثالثة والرابعة، على ضرورة تجهيز المراكب بطوافة الإنقاذ (radeaux de sauvetage) أو طوافات الإنقاذ قابلة للنفخ الأوتوماتيكي ذات طاقة استيعابية إجمالية تكفي لاستقبال جميع الأشخاص الموجودين على ظهر المركب، مزودة بجهاز إطلاق هيدروستاتيكي، بالنسبة لمراكب الصيد الساحلي التي يزيد طولها المرجعي على 24 مترا. فيما ستكون مراكب الصيد الساحلي، التي يقل طولها المرجعي على 24 مترا، والتي لم تجهز بطوافات الإنقاذ القابلة للنفخ الأوتوماتيكي، مجبرة على التوفّر على طوافة إنقاذ صلبة تستجيب لمعايير الإنقاذ.
كما شدد ذات القرار على توفّر المراكب على صدريات نجاة (gilets de sauvetage) قابلة للنفخ الأوتوماتيكي الهيدروستاتيكي، بعدد كاف تستجيب لمعايير 12402 ISO، ذات قوة طفو لا تقل على 150 نیوتن، مزودة بمصباح وحزام قابل للتعديل، مع إلزامية ارتدائها من طرف البحارة بصفة دائمة قبل الخروج إلى البحر وأثناء الإبحار ومزاولة العمل. فلماذا التأخر الحاصل في تفعيل هذا القرار ، الذي كان سيكون له وقع إيجابي في تجنيب السواحل المغربية من نزيف المزيد من الأرواح في الحوادث الغادرة .
يذكر أن قوارب الصيد التقليدي بمعية إحدى الخوافر التابعة للبحرية الملكية، نجحوا في إنقاذ خمسة بحارة وإنتشال 10 جثث من منكوبي مركب الصيد الجانح قبالة مياه المهريز، فيما لا يزال بحاران إثنان في عداد المفقودين، بعد أن تم تأكيد إنطلاق المركب وعلى متنه طاقما يتكون من 17 بحارا.