عبد اللطيف السعدوني: في ظل الإكراهات التي يعيشها قطاع الصيد البحري على مستوى الصيد والتجارة تصبح أي مداخلة إعلامية أو أرضية أو مقاربة لكيفية تنزيل مضامين الخطط والقرارات من باب الموضوعية العلمية، سيما أن الإطارات الجمعوية الفاعلة في القطاع وباختلاف طبيعتها عاجزة على تحيين ترسنة القوانين وتخصيبها بنقاشات هادفة لغاية سؤال مرجعي ما مدى ملائمة الواقع المهني لطبيعة النصوص القانونية المؤطرة لجزئيات وتفاصيل العمل بهذا القطاع.
لاحظنا منذ سنوات خلت أن الجيل المواكب للتمثيلية المهنية لا يقوى على مجابهة قرارات الإدارة أي الوزارة الوصية بل يركن إلى التواكلية معتبرا الحل في التلكآت أو الامتناع أو المجابهة العقيمة بل أحيانا أخرى إلى الانسلاخ عن واقع تمثيلي بخلق جبهات جانبية وهو فيض من غيض أو رد فعل مريض لا يرقى إلى المطلوب، حقيقة أنه لوزارة الصيد البحري حقها الكامل والوظيفي في تطبيع القرائن القانونية لمرافقة أية استراتيجية قريبة أو بعيدة أملا في تطوير أسس وبينة قطاع الصيد البحري، إلا أن لغة الاتكالية والتعويل على الأشخاص (المناضلين أو الرموز أو المتمتعين بالثقة) وفق تصور الوزارة يبتعد كليا عن ثقافة التشارك واستدراك الخطأ أو المنسي، فالغرف كمؤسسات دستورية استشارية غير قادرة في ظل واقع القطاع على تجاوز مقولة كلنا سوى في الهوى لأن أي رئيس غرفة وإن كان أكثر واقعية وموضوعية ليس باستطاعته لوحده أو بمعية طاقمه أن يحدث هذه الهزة النوعية في قطاع يحبل بآهات كثيرة تتلخص في الآتي :
*** غياب توافقات بين مهنية وحضور ثقافة المصلحة الذاتية على حساب مصالح القطاع واستئصال البعد الجمعوي الهادف واحلال بدله المصلحة الظرفية مع عدم وضع تصور شمولي لمشاكل القطاع والانخراط في منظومة التغيير وعدم الإيمان بالإختلاف كقاعدة مرجعية للتقييم نحو حكامة جيدة في استفادة كل الفاعلين في القطاع من خيراته خصوصا الفئات الهشة والبحار على رأسهم، كما أن استحضار المنفعة القريبة حجبت على ممثلي المهنة ثقافة الاقتراح والتعامل مع مشاريع القوانين برؤية نقدية هادفة تخدم كل المهنيين بدءا من الصيد بالقصبة إلى أحدث طرق الصيد. وما دامت القوانين الغاية منها ضبط أسس ووسائل الصيد وطرقه وخصوصيات تسويقه وصولا إلى المستهلك فما الذي قدمناه كفاعلين جمعويين وكإدارة وصية لهذا المستهلك الوطني ونحن نحتفل باليوم العالمي للمستهلك، صحيح أن الغاية الأساس هي تطبيق القانون 07-28 الخاص بالسلامة الصحية إلا أن طبيعة التطبيع مع القانون الجديد 08-31 والذي يمتع المستهلك بصلاحيات عديدة قانونية وقضائية تتماشى إلى الرغبة في معرفة منشأ المنتوج وطرق صيده، فما الذي حققناه يا ترى للمستهلك المغربي وعلى الواجهة يطالبنا الاتحاد الأوربي بمعرفة العلامة الإيكولوجية للمنتوج ونحن ما زلنا نعايش طرق عرض منتوج لا تليق بكرامة المستهلك المحلي، وهذا تحدي كبير يواجه الوزارة والتجار وكل الفاعلين في القطاع.
*** إن الاستئناس بثقافة تواكلية تهتم بالآني وتقصي المستقبل لهو معادلة سلبية علميا تقود إلى عدم الاكترات بقضايا الوطن ومستجدات المرحلة والمغرب يعيش خضات ديمقراطية ومؤسساتية كبيرة بدءا من المتحقق على مستوى الدستور والسلطة التي متع بها العمل الجمعوي، فهل حقيقة هذه التمثيلية قادرة على تحقيق تحديات المرحلة وتطبيع علاقة مهنية إدارية مبنية على الاحترام والاستفادة من ما يخوله لها الدستور.
إن علاقة المهنيين صيادين وتجار بالقوانين مبنية على التقدير أصلا ولو أن الرضى لا يحصل إلا بكلفة مد وجزر سيما أن التمثيليات غالبا ما تستند إلى منطق الغلبة أو جبر الخاطر أو عدم الاكتراث بمشاريع القوانين قبل المصادقة عليها وهذا فجر خلافات هامشية كان ضحيتها القطاع برمته من توقفات غير مسؤولة وانصياعات إلى جهات وفق المصلحة بأشكال متفاوتة ما يضيع معه الحوار الجاد وندخل في أشكال حوارات غير هادفة، كان الأولى الإقرار بخصوصية المرحلة وخاصيات الصيد والتجارة وتأسيس خطط متفق عليها أولا ومرافقتها بقوانين تنظيمية مصطلح عليها بين المهنيين كافة وليست مؤتتة من جهة دون أخرى وهذا يذكرنا بخطة تهيئة مصيدة شمال بوجدور التي أقصت مدينة آسفي كتاريخ وكقاطرة لثقافة الصيد البحري وحاصرته اقتصاديا إن لم نقل اجتماعيا، كلنا قد يؤمن بمبدإ الحفاظ على الثروة السمكية والعزوف عن الصيد الجائر ومحاربة عدم التصريح بالمنتوج ولا أحد من المهنيين كيفما كان شأنه عكس هذا التيار والمبدإ وإنما الاجماع على قانون ما يكون من بوادر النجاح لأية استراتيجية أو تطبيق ملزم بقانون وهذا لا يتنافى مبدئيا وأسس الديمقراطية التشاركية المؤسسة على النقد والتقييم كأساسين نحو حكامة جيدة ومضبوطة.
*** إن التوافقات البين مهنية والإدارية تكون أساسا الدافع الموضوعي لإبعاد كل عراقيل النجاح وتحويل نقط السلب إلى إيجاب، فالإرادة المهنية تكبر في ثقة متبادلة بين المهنيين والمؤسسات سيما الوزارة وتضيع حينما يختلط الأمر على المحاورين بتدخل الوساطات الغير المجدية التي تتحول بشكل تدريجي إلى زبونية إدارية يستغلها البعض إلى تأتيت الغرف وملازمتها قهرا دون حق مهني يشفع له ذلك كان الأولى أن نفتح ورشا جديدا للبحث في مضامين القوانين المعمول بها حاليا ومدى خدمتها للمهنيين وللقطاع فمثلا قانون 1973 الخاص بالعقوبات المطبقة على السفن الأجنبية التي تصطاد سرقة في عرض الساحل المغربي كان هذا القانون آنذاك موضوعيا ويخدم حرمة المياه البحرية المغربية أما أن نطبقه مرحليا بكل ثقله دون مراعاة الخصوصية على سفن الصيد الساحلي يعتبرا أمرا مبالغا فيه لأن العقوبة من جنس المخالفة وهو الموضوع الذي يبرر بعض مخاوف المهنيين من حجم العقوبة وما زاد من قلق التجار في علاقتهم كذلك بالقانون 08-14 لكونه يتضمن عقوبات تشبه إلى حد كبير مثيلتها في قانون 1973 كان الأولى الاهتمام بقاعدة الاجتهاد وفتح باب الاجتهاد والاشتغال على القوانين ومدى صلاحيتها للمرحلة الراهنة.
ولهذا فإنه وللموضوعية التاريخية وبحق ما يعرفه مغربنا من مكاسب دستورية وديمقراطية فإنه على الهيئات الجمعوية أن تتجاوز منطق الوصاية المفروض عليها بوازع المصالح الضيقة وأن تتجه إلى البعد المنتج في علاقتها بالمهنيين حتى تكفل مشروعية الانتداب الصحيح والمواطن والوازن وعلى الوزارة أن تؤمن أكثر من أي وقت مضى أن زمن سعاة البريد أي مناديب مهنيين يستغلون ولوجهم الإدارة لحسابات ضيقة بدل السعي والكد لخدمة القضايا الهادفة والخطط الوازنة قد ولى آنذاك سنشعر فعلا أن أي خطة سيكتب لها النجاح قبل نزولها لأن أعداء الإصلاح هم اللذين يبتزون الإدارة ولا يحترمونها بتقديم ثقافة نقدية تؤسس لمشهد جديد ترتاح معه الإدارة من أسلوب الوشاية نحو سلطة وصاية قادرة على فرض القانون واعتبار الجميع سواسية في استغلال منتوجات البحر وفق القوانين المصطلح والمتفق عليها خدمة لقضايا الوطن وتأسيسا لمواطنة هادفة وجادة.
عبد اللطيف السعدوني: رئيس الفدرالية الوطنية لتجار منتوجات الصيد البحري بالموانئ والأسواق الوطنية
إن التجليات السياسية والاقتصادية وحتى التنظيمية في قطاع الصيد البحري تطرح التساؤل المحير و تظل جد محتشمة مما جعل القطاع يتخبط في المشاكل كما و كيفا في ظل تدبيره من قبل وزارة مستقلة تتوفر على الوسائل القانونية و هنا لابد ان استحضر مقولة للشاعر احمد مطر ( من يملك القانون في اوطاننا هو الذي يملك حق عزفه ) والوسائل المادية و تعتمد في مشورتها المهنية على غرف نائمة و في سبات عميق همها الوحيد توسيع المقر للدكوك ديال اتاي و الاستفادة من المنحة الدسمة التي تسيل لعاب جلهم ليبايعوا بالاجماع على مخطط ممنهج ،و كنفدراليات لا تتوفر فيها شروط المهني الحقيقي الذي يركب الامواج من اجل لقمة عيش لذا، فإن التمثيلية المهنية الحقيقية و المقصود بها البحار و المعني الاول في القطاع و الركيزة الاساسية في المعادلة البحرية تطرح اكثر من تساؤل في ظل مغرب المؤسسات و القطع مع سنوات الرصاص و الاغتيال و الاختطاف وحقوق الانسان و حرية التعبير مازال البحار مقصيا،مهمشا ،يعيش واقع السيد و مولاه،واقع العبودية و الرق ،واقع الانسان المهدور بايعاز من الوزارة الوصية،و الفرقة الواحد النحاسية فاذا كان الدستور الجديد 2011 ينص على الحكامة الجيدة و المقاربة التشاركية فاننا لغاية الساعة ننتظر من يفعل هذه الامور لنشارك في تنمية القطاع و نبدي الراي الصائب بحكم التجربة و الممارسة المهنية و من الطبيعي نحسن من الواقع الاجتماعي للبحار ليتجاوز المشاكل العالقة و الصرفة التي يتخبط فيها و لها علاقة عكس ما يفهمه البعض، لها علاقة بوزارة التشغيل التي تعتبر البحار في قطاع الصيد الساحلي كاجير و صندوق الضمان الاجتماعي الذي ياكل الغلة في سنوات الشباب و القوة و يتصدق بالفتات في تقاعد البحار ،لنا رؤيا و لكم حكم ،و ما الحكم الا لله الاحد .كامل الشكر للاستاد السعدوني