إستنكر مهنيون في الصيد التقليدي مواصلة الحجز التحفظي على قاربين للصيد التقليدي من طرف الجهات المسؤولة، على الرغم من أن هذين القاربين لم تسجل في حقهما أي مخالفة، بعد أن تم الإشتباه في حملهما لرخويات تفتقد للأحجام التجارية القانونية، وكذا الإشتباه في مخالفة القياسات التقنية للقاربين للمعايير القانونية، وهما الشبهتان اللتان لم يظهر لهما اثر وفق تصريحا متطابقة للمحتجين.
وتعود تفاصيل الواقعة التي عاشت تفاصيلها قرية الصيد أفتيسات، إلى يوم 11/12/2023 عند عودة قاربين للصيد التقليدي “المهورة” و”فضل الله”، من رحلة صيد بالسواحل المحلية ، حيث تم إعتراضهما من طرف مصالح الدرك الملكي، بعد الإشتباه في مخالفة المصطادات المكونة من الكلمار والحبار للحجم التجاري المتفق بشأنه، وهو الإشتباه الذي تلاشى بعد أن أن اكدت المصالح المختصة قانونية هذه المصطادات بعد زهاء 5 ساعات من الحجز، لتخضع بذلك للبيع على مستوى سوق السمك بقرية الصيد، دون ان تسجل في حقها أي ملاحظات.
ووفق مصاد مهنية محلية ، فبعد إدحاض الشبهة الأولى ، إنتقلت مصالح الدرك إلى شبهة ثانية، يتعلق الأمر هذه المرة بالتشكيك في قياسات القاربين. وهو ما دفع مالكهما إلى الإستعانة بشاحنة قطر، ليتم نقل القاربين إلى بوجدور، وإخضاعهما للمعاينة التقنية والتي أثبتت قانونيتهما أم لجنة خاصة تترأسها مندوبية الصيد بحكم الإختصاص. لكن وعلى الرغم من ذلك يواصل المسؤولون حجز القاربين ، في وضعية تثير الكثير من الشكوك والإرتياب حول الأسباب الحقيقية وراء هذا التدخل الذي وصفه كثيرون ب “التعسف” ، لأنه من غير المعقول تقول المصادر المهنية، أن لا يتم الإفراج عن القاربين ، بعد أن أظهرت مختلف القرائن سلامتهما من اي مخالفة تعطل نشاطهما ، وتدخلها في عطالة تمتد لنحو 10 أيام ، حيث السؤال المطروح ، من سيعوض البحارة المعنيين بالقاربين على الخسائر التي تكبدوها جراء توقف نشاطهم طيلة هذه المدة.
واعتبر المتضررون أن عملية الحجز لم تتم في إطار المقتضيات القانونية، مطالبين بفتح تحقيق في النازلة، مشددين على أنهم سيسلكون المساطر القانونية لوقف مثل هذه السلوكيات التي تتكرر بقرى الصيد. وهو ما يتنافى مع التوجيهات السامية لجلاله الملك، الذي أكد منذ توليه عرش أسلافه الميامين، في خطابه الذي ألقاه بالدار البيضاء يوم 12 أكتوبر 1999 “إن مسؤولية السلطة في مختلف مجالاتها هي أن تقوم على حفظ الحريات وصيانة الحقوق وأداء الواجبات وإتاحة الظروف اللازمة لذلك على النحو الذي تقتضيه دولة الحق والقانون في ضوء الإختيارات التي نسير على هديها من ملكية دستورية و تعددية حزبية و ليبرالية اقتصادية وواجبات اجتماعية بما كرسه الدستور وبلورته الممارسة”.
ولفت مهنيون محليون إلى ضرورة إعادة النظر في طبيعة المراقبة ، خصوصا وأن الواقع الحالي يؤكد على وجود مجموعة من الممارسات التي تسيئ لهذه المهام ، وتخرجها عن إطارها الحقيقي، وأهدافها السامية الرامية للزجر من أجل عدم العود في إطار سلطة القانون، بل أكثر من ذلك فالمراقبة بتعدد متدخليها وتفرّعهم ، فتحت اليوم أبواب لتغلغل الفساد ، وسلك طرق للإبتزاز، الذي يساهم في تعزيز الجرأة على خرق القانون لدى الفاعلين، وهي ممارسات غير مقبولة يقول مجموعة من المهتمين بالشان البحري على المستوى المحلي .
وبات لزام تؤكد المصادر تشكيل لجان محلية تضم مختلف المتدخلين، من ذوي الصفة والحق في تحرير المخالفات ، وتخويلها صلاحيات مفتوحة على مستوى تنفيذ المهام المنوطة بها ، خصوصا وأن الحسم في قياسات وأحجام الأسماك وكذا القطع البحرية، هي تخضع لتنظيم من طرف القطاع الوصي، وهو أدرى بشؤون وحدود تدخلاته ، ولا يمكن ان تستقيم المخالفة في غياب تمثلية القطاع، القادرة على البث في طبيعة المخالفة ووجودها من عدمها بدل إدخل المهنيين في دوامة من المعانات والمتاهات المظلمة.