شكل موضوع تثمين وتسويق أسماك السردين محورا أساسيا ضمن لقاء عقدته فعاليات مهنية في الصيد الساحلي زوال اليوم السبت 06 نونبر 2021 بإحدى القاعات بمدينة أكادير، بدعوة من الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي بالمغرب وبمشاركة فعلية من النقابة المهنية لنقابة المهنية لأرباب مراكب الصيد الصناعي بميناء أكادير، حيث عرف اللقاء نقاشا قويا بخصوص أفاق التسويق على مستوى البيع الأول ، بين جهات تدعو إلى الزيادة في الثمن المرجعي لهذا النوع من الأسماك السطجية الصغيرة بموانئ الجنوب، وأخرى تدعو إلى إعتماد الدلالة في إتجاه تحرير الأثمنة كحل يفتح أفاق جديدة أمام التسويق حيث خلص اللقاء إلى تغليب الحكمة ومنطق الحوار في المفاوضات مع الفرقاء المهنيين، قبل سلك مسارات أخرى في إتجاه تحقيق المطلب الأساسي، المرتبط بزعزعة الأثمنة المرجعية المتداولة حاليا لأسماك السردين، ورفعها بشكل معقول يساير التحديات القطاعية .
وحضر اللقاء كل من رئيس الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي العربي المهيدي ، وأعضاء النقابة المهنية لمجهزي مراكب الصيد الصناعي بميناء أكادير ، وكمال صبري العضو بذات الكنفدرالية، والمستشار البرلماني عن قطاع الصيد البحري، ورئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، إلى جانب مجموعة من أعضاء الغرفة في الصيد الساحلي وإبراهيم بطاح النائب الأول لرئيس غرفة الصيد البحري الأطلسية الجنوبية، وكذا عدد من مجهزي الصيد الصناعي، حيث أجمع الحضور على أن الأثمنة المرجعية المعمول بها حاليا، لم تعد قادرة على التجاوب مع متطلبات الإنتاج، في ظل الإرتفاع الصاروخي، الذي عرفته مختلف المواد الأولية المستعملة في الإنتاج من محروقات، وأدوات الصيد، ومعه إرتفاع كلفة الإستثمار في رحلات الصيد، بالمقابل تعرف مصيدة السردين الكثير من التحديات والمتغيرات، حتى أن الكثير من المجهزين أصبحوا اليوم يواجهون المجهول، أمام نذرة المصطادات وإرتفاع تكاليف الإنتاج. وهو ما جعل المهنيين يشددون على ضرورة التعجيل برفع الثمن المرجعي، بزيادة درهم في الثمن المعمول به حاليا للسردين الصناعي، للتغطية على تكاليف رحلات الصيد التي أصبحت مكلفة للغاية
وذكّر العربي المهيدي بالخطوة التي أقدمت عليها الكنفدرالية الوطنية للصيد الساحلي بمراسلة المكتب الوطني للصيد من أجل العمل على رفع الأثمنة المرجعية لسمك السردين، في ظل الظروف الصعبة التي أصبحت تواجه المنتجين ، وهو الطلب الذي تفاعل معه المكتب ، الذي أكد أن الإدارة عقدت مجموعة من الاجتماعات التشاورية مع عدد من المتدخلين في استغلال الأسماك السطحية الصغيرة، قصد تدارس طلب التمثيليات المهنية لمجهزي مراكب الصيد، حول الأسعار المرجعية للأصناف السمكية المعنية. حيث تم عقد لقاءات تشاورية مع غرف الصيد البحري، والكونفدرالية الوطنية لتجار منتجات الصيد البحري بالموانئ والأسواق المغربية، في حين تعذر اللقاء مع كل من الجامعة الوطنية لصناعات تحويل وتثمين السمك، والاتحاد الوطني لصناعات مصبرات السمك، بعد تقدمهما باعتدار وطلب تأجيل اللقاءات وبرمحتها في وقت لاحق. ومن تم عقد اجتماع واسع لجميع المتدخلين، لوضع مجموعة من التصورات لتثمين الأسماك السطحية الصغيرة. وهو اللقاء الذي تنتظره الكنفدرالية ومعها الفاعلين المهنيين في السردين لفتح باب التفاوض حول أثمنة تستجيب لتطلعات مجهزي المراكب ومعهم الأطقم البحرية.
من جانبها ذهبت أطراف أخرى إلى دعوة المكتب الوطني للصيد إلى تحمل مسؤوليته في تبني سياسة تسويقية تراعي مصالح الأطراف المتدخلة ، حيث أن مناقشة الأثمنة ، تدخل في إختصاص المكتب ، وإلا ما الغاية من الإقتطاعات التي تطال المفرغات ، أن لم تكن ستدفع المكتب إلى توفير مجموعة من الخدمات التي تراعي مصالح المرتفقين ، خصوصا وان هناك إشكالية تطرح تحديات المحاور ، لاسيما وأن النقاش لا يقتصر على المجهزين والمصنعين ، وإنما هناك طرف ثالث أصبح أكثر حضورا في العملية التسويقية وهو التاجر ، حيث ان تسويق المصطادات يتم عبر هذا الوسيط ، وهو ما يطرح إشكالية التفاوض المباشر ، لأن العملية التفاوضية يجب ان تتم بين هذا الثالوث ، لكن برعاية من المكتب الوطني للصيد ، المدعو إلى تحمل مسؤوليته الكاملة في العملية .
أطراف أخرى حضرت اللقاء دعت إلى تحرير الأسعار، وفتح الباب أمام الدلالة إن إقتضى الحال ، إذا ما ظل المصنعون يرفضون الزيادة ، وذلك كخيار إسترتيجي من شأنه إعادة التوزن لبيع السردين ، حتى أن من العار تقول ذات المصادر ، أن يصمد ثمن هذا النوع من الأسماك في حدود 2.65 كسقف بموانئ الجنوب ، في وقت يتم بيع ذات الصنف بأثمنة تفوق 10 دراهم للكيلوغرام في سوق التقسيط ، فيما الأطقم البحرية لا ينالها إلا العذاب والجهد الإضافي، الذي يكون خرافيا ، أمام تقهقر المصايد ومحدودية الإنتاج، التي بالكاد تغطي بل تعجز عن تحقيق مصاريف الإنتاج
وأكد منظموا اللقاء أن الإجتماع جاء في سياق التواصل بخصوص مستجدات الملف ، والتحضير لملف مطلبي يحضى بالإجماع المهني ، لتحديد سقف للمطالب وهامش المناورة في المفاوضات، مع الجهات المختصة، حيث تداول مختلف المتدخلون في قيمة الزيادة، بين مطالب بإضافة درهم للثمن المرجعي، فيما ذهب آخرون إلى حصر الزيادة بين 50 و100سنتيم ، على أساس أن يكون هناك تخطيط على المستوى القريب والمستوى المتوسط والمستوى البعيد يراعي خصوصية القطاع وتنافسية المصبرات المغربية ، التي تعرف بدورها مجموعة من التحديات المرتبطة بكلفة الإنتاج. فيما يؤكد المتدخلون أن قطاع السردين على مستوى التثمين حان وقت مراجعته ، بشكل جدري، بالنظر لواقع الحال بتحدياته المختلفة، على مدار قنوات الإنتاج، حيث أصبح الفاعلون مطالبون بإعمال نقاش جاد ، يعيد الإعتبار لمختلف المكونات المهنية ، من مجهزين وبحارة وتجار ومصنعين ومصدرين ، حتى تعم الفائدة للجميع .
وإستبعد متدخلون في ذات اللقاء خيار تنزيل الدلالة بموانئ الجنوب ، بإعتبار أن الدلالة يمكن تطبيقها في الوقت الذي تكون فيه مفرغات الأسماك قليلة ومحدودة ، حيث يكون العرض أقل من الطلب ، أما بالموانئ التي تعرف تدفق حجم كبير من المفرغات، فإعتماد الدلالة سيكون بمثابة إنتحار. لأن الأثمنة قد تنزل عن الثمن المرجعي، خصوصا وأن المصنعين لن يقبلوا بإعتماد ثمن مرجعي، يشكل أرضية لإنطلاق عملية الدلالة. وضربت ذات الجهات المثل بالأسماك السطحية التي تباع بالدلالة ، والتي تتسم بالمحدودية على مستوى المفرغات ، ورغم ذلك فما ان تظهر وبكثرة بالموانئ، حتى تصبح بأثمنة محدودة وهزيلة جدا
ويطالب مهنيو الصيد الساحلي برفع الثمن المرجعي للسردين ، في ظل الجهد الذي أصبح يبدله البحارة في المصايد ، وكذا الصيد الإنتقائي الذي صار يتحكم في العقلية البشرية ، حيث أصبحت أطقم الصيد، حريصة على إستقطاب أسماك السردين التي تستجيب لتطلعات التصنيع ، إذ برز على السطح مطلب تخصيص حوافز مالية لصالح البحارة من خلال تحديد إقتطاع معين تحفيزا للمجهود المبدول من طرف سواعد الأطقم البحرية . فيما لم تستطع الأثمنة مواكبة الظروف الصعبة التي تمر بها مصايد السردين وكذا إرتفاع تكلفة الإنتاج والتجهيز ، بعد أزمة كوفيد 19، ولا حتى مسايرة المجهودات المبدولة من طرف كل من المجهزين وأطقم الصيد. خصوصا وأن الوزارة فرضت نظام الكوطا، لضمان إستدامة المصايد وتخفيف الجهد عليها. كما فرضت إستعمال الصناديق البلاستيكة، فيما يشدد أرباب الوحدات الصناعية على إستعمال مادة الثلج، إنطلاقا من المصيدة لضمان وصول الأسماك في ظروف جيدة