بقلم: عمار الحيحي*
وحدها التمثيليات المهنية من تضمر وجود أزمة خانقة يعيشها الأسطول الوطني للصيد بالجر، الذي بدأ الشلل يتتهدد أطرافه حيث يوجد عموم المجهزين والربابنة والبحارة في حالة ذهول، ولا يستوعبون ما يدور من حولهم، ويستغربون صمت القبور الذي خيم على هذه التمثيليات المهنية..!
قد يكون سبب ذلك هو السياسة التي نهجتها هذه التمثيليات لعقد من الزمن، حيث كان محورها التضليل والتطبيل والضرب تحت الحزام في العلاقة ما بينها، حيث تجد اليوم حرجا كبيرا بالجهر بالواقع البئيس، الذي يعيشه قطاع الصيد بالجر، بعدما كانت هذه التمثيليات تفتري عكس ذلك طمعا في الجاه والمكاسب ..!
من يشخص أزمة الأسطول الوطني للصيد بالجر في الإرتفاع الصاروخي لفاتورة الكازوال، أو في الحيف الذي لحق هذا الأسطول في مخطط تهيئة مصيدة الأخطبوط سنة 2004، بضعف كوطا الأخطبوط المخصصة له والتى حددت في 11 في المائة، من مجموع الكوطا الإجمالية، هو واهم ومضلل . حيث يبقى هذا التشخيص مجانبا للصواب بنسبة كبيرة..!
أولا فيما يخص فاتورة الكازوال، الذي أحرق لهيبها مهنيي ومرتفقي القطاع، تبقى طريقة تزود الأسطول بهذه المادة وطريقة تأدية الفواتير حاسمة، في الفرق الشاسع الحاصل بين الأسطولين الساحلي ونظيره في أعالي البحار. هذا الفرق الذي بات يشتكي منه الجميع دون تذخل التمثيليات، في تنظيم الأسطول وهيكلته في شركات أو تعاونيات أو مجموعات ذات النفع الإقتصادي، والقطع مع ما يعرف ب personne physique، ودفن العرف الذي بات متجاوزا بجنيه على القطاع بدل نفعه..!
ثانيا فيما يخص “الحيف” الذي لحق الأسطول الوطني للصيد بالجر، في نسبة كوطا الأخطبوط المخصصة له جنوب بوجدور، والتى حددت في 11 في المائة ، فمن المعلوم انه عند إنطلاق مواسم صيد هذا الصنف من الأسماك جنوب بوجدور، يسمح كذلك بصيده شماله، في شريط ممتد من سيدي الغازي إلى رأس الماء بالسعيدية. وذلك على مسافة تقدر ب 2800 كلم. وفي إحصائيات رسمية حديثة، مفادها أن نسبة كميات الأخطبوط التي يصطادها الأسطول الوطني للصيد بالجر مابين جنوب سيدي الغازي و شماله، تتجاوز 35 في المائة من الإنتاج الوطني السنوي للأخطبوط ..! وهذه حقيقة للأسف الشديد، قد تخلق لي مجموعة من المتاعب، لكني لن أبالي بها إطلاقا.
إن أزمة الصيد الساحلي عموما والصيد بالجر خصوصا، أكبر بكثير في أن تختزل في الكازوال والأخطبوط، بل هي أزمة تنظيم هيكلي وتدبير عرفي مشبوه. إنه نزيف تسوده الضبابية يطال مبيعات المراكب، وأزمة تهيئة للمصايد الواقعة شمال سيدي الغازي، وبالتالي أزمة تمثيليات قاصرة عن إقتراح حلول، ومبادرات هادفة تشاركية صريحة، وغياب الجرأة في قول الحقيقة لصناع القرار، والعمل سويا دون إقصاء مع كافة المهنيين قصد إبتكار خطة إنقاذ شاملة. خطة تضع هذا الصنف على السكة الصحيحة، كقاطرة لقطاع الصيد بنشاطه الحيوي الهام، وتوفيره لسوق شغل كبير مباشر وغيرمباشرة، يعد الأول وطنيا في قطاع الصيد .. ومن يقول عكس هذا، فهو إما أنه تم تضليله أو مستفيد من هذا الوضع البئيس..!
*رأي كتبه للبحرنيوز: عمار الحيحي ناشط مدني في قطاع الصيد ومدون مهتم بقضايا القطاع بالمغرب