تشكل الأمراض الطفيلية في الأسماك حوالي 80% من أمراض الأسماك عموما. وعلى هذا تعتبر الأمراض الطفيلية بنوعيها الداخلية أو الخارجية هي الأكثر شيوعا في أسماك المياه الدافئة Warm water fishes وذلك نتيجة توافر البلانكتون النباتي والحيواني وغزارة العوائل الوسيطة (القواقع، القشريات،ديدان العلق….) في هذه المياه. وغالبا ما تكون الطفيليات هي السبب الرئيسي في وقوع مشكلات خطيرة في المزارع السمكية حيث يتبع تواجدها العدوى الثانوية Secondary infection بالبكتيريا أو بالفطريات أو كليهما معا مما يؤدى إلى تزايد نسب الإصابة والنفوق في الأسماك المصابة.
وان كثيرا من هذه الأمراض الطفيلية (خاصة الداخلية) تنقل إلى الإنسان بعض الطفيليات الضارة في أطوارها المختلفة من يرقات أو ديدان، وسوف نتناول بعض من هذه الأمراض التي قد تشكل خطورة على صحة الإنسان.
مرض اليرقات الصفراءYellow grub disease
هو أحد الأمراض الطفيلية الداخلية الهامة والمكتشفة حديثا في البلاد العربية، ويصيب معظم أسماك المياه العذبة الحرة والمستزرعة خاصة أنواع (البلطي النيلي والأوريا) وبعض الأسماك القطية (القرموط والبياض) ويتمثل في وجود يرقات متحوصلة متفاوتة الأحجام ذات لون أصفر أو برتقالي لديدان مفلطحة Digenea (تريماتودا ثنائية العائل) تتبع عائلة الكلينوستومم Clinostomum tilapiae. والتي قد يصل عددها إلى 60 في السمكة الواحدة وهى تعيش متحوصلة أو حرة داخل أو خارج المنطقة العضلية تحت الخيشومية والتجويف الخيشومي على شكل عناقيد العنب.
ومن الثابت علميا أن هذه اليرقات تقاوم التجميد وذلك في حدود معينه بالإضافة إلى مقاومتها للتمليح الخفيف.
وقد تنتقل اليرقات الحية للإنسان من خلال التعامل مع الأسماك المصابة وذلك عن طريق الخطأ أو المصادفة (الأطفال، الأظافر الطويلة)، تناول الأسماك الطازجة بدون أي معاملات، أو أسماك غير مطهوة جيدا (الشواء الخاطئ، التدخين البارد، التمليح الخفيف) حيث أن هذه المعاملات والتي تتم في بعض المدن الساحلية قد لاتصل بدرجة الحرارة اللازمة أو الملوحة للقضاء على هذه اليرقات خاصة تلك التي بداخل العضلات تحت الخيشومية والتي تؤدى إلى الإصابة بالتهاب البلعوم والحنجرة Halluzon like disease (مرض شبيه الهالوزون) في الإنسان. وعندما يتم التشخيص متأخراً فإن علاج هذه الحالات يستدعى التدخل الجراحي.
وكان إلى عهد قريب يتم التخلص تماماً من رؤوس الأسماك المصابة إلا أنه في الوقت الحالي قد تم عرض اقتـراح تنظيف منطقـة الرأس طوليا مع تركها والتخلص مـن الخياشيم كحل صحي بديل.
مرض الدايفيلوبوثريم Diphyllobothriosis
مرض الدايفيلوبوثريم هو أحد الأمراض التي تصيب أسماك المياه العذبة (عائل وسيط) حيث توجد يرقات الدودة الشريطية Diphyllobothrium latumm في عضلات الأسماك وفى الأحشاء خاصة الكبد والمناسل. وفي الإنسان يظهر المرض في صورة استسقاء وتنركز في العضلات والأحشاء. وهذه الديدان الشريطية تنتقل للإنسان (العائل الأساسي) عن طريق تناول الأسماك المصابة نيئة أو غير مطهوة جيدا أو تم حفظها بالتمليح الخفيف أو التدخين على البارد.
ويعانى المرضى في هذه الحالة من الإسهال وآلام شديدة في البطن، قيء، فقد في الوزن وقد يؤدي وجود هذه الديدان إلى انسداد الأمعاء مع شحوب اللون وأنيميا خبيثة.
مرض الدايفيلوبوثريم Heterophyiasis
هو أحد الأمراض التي تم الكشف عنها قديما وخاصة في أسماك البورى والبلطى (عائل وسيط) حيث تتحوصل يرقات ديدان التريماتودا (Heterophyes heterophyes) في عضلات هذه الأسماك. وتسبب تليفا وتنكرزا لهذه العضلات وتنتقل للإنسان عن طريق تناول أسماك البورى التي يتم شوائها (بدون فتح الأسماك والتخلص من الأحشاء وتنظيفها وعدم تشريط الجلد من الخارج حتى يسهل دخول الحرارة العالية إلى داخل السمكة). وعندما تدخل هذه اليرقات encysted mctacercariae (الميتاسركاريا المتكيسة) جسم الإنسان فإنها تتحول إلى ديدان بالغة داخل الأمعاء حيث تدمر جدر الأمعاء الداخلية وتظهر العلامات المرضية في صورة إسهال مزمن وآلام شديدة في البطن.
وجدير بالذكر أن بويضات هذه الديدان تهاجر وتستقر في أي من الأعضاء الداخلية (القلب، المخ مسببة التهابات شديدة) للإنسان وذلك من خلال الدورة الدموية ويتم الكشف عن هذا المرض في الإنسان بعزل البويضات المكتملة النمو من البراز.
مرض الكبيلاريا Capillariasis
يسبب هذا المرض في الأسماك طفيليات اسطوانية Nematodes (نيماتودا) رفيعة وطويلة تسمى Capillaria intestinalis. ، وخاصة في أسماك المياه العذبة والشروب وقد تم عزلها من أسماك البلطي المختلفة حيث تلعب دوراً هاماً في حياة الطفيليات كعائل وسيط.
ويصاب الإنسان عن طريق تناول الأسماك النيئة والغير مطهوة جيداً حيث تهاجم الأمعاء. ومن أهم علامات المرض في الإنسان وجود إسهال مزمن، آلام شديدة في البطن نتيجة التهاب كل من الأمعاء الدقيقة والغليظة، بالإضافة إلى هزال فقد ملحوظ في وزن الجسم وأنيميا حادة مع شحوب عام.
وعندما يتأخر تشخيص هذا المرض في الإنسان الذي يتم تشخيصه بفحص البراز والكشف عن البويضات أو اليرقات أو الديدان البالغة أو قد توجد جميعها في آن واحد وفي هذه الحالة الأخيرة تأخذ الصورة شكلاً خطيراً قد يؤدي إلى الوفاة.
مرض الميكروسبوريديا Microsporidiosis
هذا المرض يصيب معظم الأسماك البحرية وأسماك المياه العذبة بالإضافة إلى الأسماك المهاجرة وخاصة الكبيرة الحجم. وقد تبين أن سبب هذا المرض أنواع عديدة من الميكروسبوريديا وتعتبر من أصغر البوغيات Sporozoa التي تهاجم الأسماك بدءاً من الأمعاء إلى الأعضاء والأنسجة المفضلة لها. وهي تؤدي إلى ظهور عقد كروية الشكل أو بيضاوية، بيضاء اللون شبه سرطانية بمختلف الأحجام في أنسجة الجسم المختلفة.
وقد تم حديثاً عزل هذه البوغيات الصغيرة من الإنسان في بلاد كثيرة من العالم ويحتاج الكشف عنها إلى تقنيات عالية.
مرض كوكسيديا الأسماك Piscine coccidiosis
يوجد هذا المرض في معظم أسماك المياه العذبة والبحرية نتيجة للإصابة بأنواع عديدة من البوغيات (sporozoa) يطلق عليها الكوكسيديا وخاصة الأيميريا والكربتوسبوريديم في الأمعاء بالاضافة الى اصابة الأعضاء الداخلية الأخرى.
وفي السنوات الأخيرة تم عزل أحد أطوار البوغيات Eimeria sardinaa (أيميريا سردينا) التي تعيش في أسماك السردين وذلك من براز الإنسان والتي كان الإسهال الشديد من أهم العلامات المميزة لهذا المرض في حالات كثيرة
الأمراض البكتيرية Bacterial diseases
مرض الحُمرة Erysiploid
المسبب : ميكروب الاريسبلوثريكس (Erysiplothrix sp.)
لا يسبب مرضاً في الأسماك بالرغم من أنه يعيش على المخاط الخارجي لأسماك المياه العذبة الحية أو النافقة إلا أنه يسبب مرضاً في الإنسان و يعتبر من الأمراض المهنية ال تصيب الصيادين الأطباء البيطريون الذين يتعاملون مع الأسماك، الطهاة بل و أيضا ربات البيوت. و يظهر المرض في الإنسان على ثلاث أشكال:
* (الشكل الجلدي المحدود) localized skin form ويسمى الاريسبلويد وتشمل الأصابع أو الأيدي (الحُمره).
* (الشكل الجلدي المنتشر) generalized skin formm والذي هو مرحله متطورة من الشكل السابق حيث تنتشر على مساحات اكبر من الجسم ويسمى في هذا الحالة (الحصبة).
• التسمم الدمويsepticemic formm وهذا الشكل يعتبر أخطر من سابقيه حيث أنه يهاجم الأعضاء الداخلية من جسـم الإنسان ويصل إلى القلب وغالبا ما يكون سبباً رئيسياً لوفاة حوالي 90% من المرضى.
الفيبريو (الكوليرا) Cholera
يحدث المرض في الإنسان نتيجة لتناول الأسماك والصدفيات (shellfishes) نيئة أو غير مطهوة جيدا والتي قد تحتوى على أنواع من ميكروب الفيبريو كوليرا Vibrio cholera بأنواعه المخـتلفة وهى غير مهاجمه للأمعاء بل تفرز سموما معوية كما أن هذه السموم تتأثر كثيراً بالحرارة العالية.
وجدير بالذكر أن عزل هذه الميكروبات من الإنسان لايكفي لإثبات أن هناك مرض الكوليرا بل يجب التعرف على سمومها أيضا.
أما الفيبريو باراهيموليتكا Vibrio parahaemolytica فهي تهاجم القولون مباشرة مؤدية إلى ظهور التهابات شديدة وتنتج خاصة من الأسماك البحرية والصدفيات إلا أنها تفرز سموماُ محللة للدم لا تتأثر بدرجات الحرارة العالية. والإصابة بميكروب الفيبريو كوليرا (O1) برغم خطورته على الإنسان إلا أنه لا يشكل خطورة على الأسماك حيث أنه يمثل أحد الملوثات على السطح الخارجي للأسماك ولا يسبب مرضا فيها. وجدير بالذكر وجود هذه الميكروبات يكشف عن أن البيئة المائية ملوثه بالصرف الصحي حيث ينتقل هذا الميكروب للإنسان عن طريق الأسماك الملوثة.
وبجانب القيء فان الإسهال الشديد (إسهال بلون ماء الأرز) وهو مميز جداً لحالات الكوليرا في الإنسان بالإضافة إلى انخفاض شديد في ضغط الدم وظهور الأنيميا الحادة.
وهناك نوع ثالث من الفيبريو (Vibrio vulnificuss) والذي يوجد في الأسماك البحرية وينتقل للإنسان عن طريق الفم أو غالبا دخول مياه بحرية ملوثة من خلال الجروح الجلدية مما يسبب حالات خطيرة من التسمم الدموي.
ســـل الأسماك Fish Mycobacteriosis
يسبب هذا المرض ميكروب Mycobacterium fortuitum (في المياه العذبة)، Mycobacterium marinum (في المياه المالحة والعذبة أيضاً)، يظهر هذا المرض في الأسماك في صورة تقرحات جلدية قد تصل إلى العضلات منفجرة للخارج مع فقد القشور (إن وجدت)، التواءات وتشوهات في العمود الفقاري والرأس, جحوظ العينين مع وجود مناطق مصابة بعقيدات بيضاء إلى رمادية اللون في الأعضاء الداخلية والعضلات. كما يلاحظ وجود انتفاخ وتورم في الكلى الخلفية بالإضافة إلى تلون المثانة الغازية باللون الأبيض وتكون غالبا مليئة بكمية كبيرة من السوائل مع إصابة المناسل وعدم نضجها.
من الممكن أن ينتقل سل الأسماك إلى الإنسان عن طريق اختراق الجلد (جروح قديمة أو حديثة) وذلك أثناء التعامل مـع الأسماك، من خلال تنظيف الأحـواض السمكية أو السباحـة في المياه العذبـة أو المالحـة الملوثة حيث يؤدى ذلك إلى ما يطلق عليه Fish handler’s disease or Swimming pool granuloma .
كما أن ميكروب M. marinum لا يسبب عدوى داخليه في جسم الإنسان حيث أن درجة الحرارة الداخلية (37 درجة مئوية) تقتل الميكروب ولكنه في نفس الوقت يتحمل درجة حرارة أطراف الإنسان والتي تكون أقل في درجة الحرارة. كما يظهر المرض في صورة عقد وأورام بنية أو حمراء ذات قروح مركزية مستديمة في مناطق الإصابة على الجلد بمفصل الكوع، الركبة، الأيدي، الأصابع، الرسغ الأقدام، وهذه الإصابات غالبا ما تختفي في غضون أسابيع قليلة بدون الحاجة إلى علاج وذلك في الأفراد الأصحاء المصابين فيما يسمى Self limiting إلا إذا كان هناك نقصا في مناعة الإنسان (AIDS) المصاب فان الحالة المرضية قد تتحول إلى التهاب شديد في المفاصل والتحول إلى عدوى داخلية.
كما أن هناك نوعاً ثالثاً من هذه البكتريا Mycobacterium chelonae والذي يصيب الجهاز التنفسي في الإنسان، بالإضافة إلى المفاصل والعظام. كما يختلف شكل العقد والأورام بتواجد قروح دملية يخرج منها القيح ذو لون أبيض مصفر، وهذا أيضاً ما يحدث في حالة الإصابات بميكروب M. fortuitum.
مرض التسمم الدموي الايروموناسى المتحرك Motile Aeromonas Septicemiaa
هناك بعض الأمراض البكتيرية التي تصيب الأسماك بالتسمم الدموي ومنها الذي يسببه ميكروب الأيروموناس هيدروفيلا (Aeromonas hydrophilaa) والذي يعتبر المسبب الرئيسي لمرض التسمم الدموي الايروموناسى المتحرك والذي قد ينتقل للإنسان مما يؤدى إلى حدوث بعض حالات من التسمم الغذائي والتهاب المعدة والأمعاء وذلك من خلال تناولها وهذا ينطبق تماما على تناول الأسماك نيئة أو غير مكتملة الطهي، الشواء، التدخين على البارد أو التعامل معها بدون التخلص من الأحشاء.
كذلك قد تؤدى هذه الميكروبات الممرضة إلى التهاب الغشاء المحيط بالمخ في الأطفال وفى بعض الحالات تم أيضا عزل هذه الميكروبات من إصابات جلدية من الصيادين وربات البيوت.
كذلك قد تنتقل هذه الميكروبات الممرضة للإنسان من خلال جروح أو تهتكات موجودة في جسم الإنسان وخاصة الأيدي، وأطراف الأصابع وهذه النقطة تشمل كل من يتعامل مع الأسماك مثل الصيادين، ربات البيوت، الطهاة أو الأطباء البيطريون والمتصلون بصناعة الأسماك. أيضا قد تنتقل هذه الميكروبات عن طريق الجروح والإصابات التي قد تحدثها بعض الأسماك (من خلال الزعانف والقشور) وخاصة الأيدي مما يؤدى إلى تورمها واحمرارها (مرض شبيه الحمرة Erysploid-like disease). ويحدث ذلك أثناء التنظيف أو الفحص لبعض الأسماك مثل الأسماك القطية (البياض، القراميط، الشال، الشلبة،…..) وأسماك البلطي كبيرة الحجم حيث أنها تتميز بوجود زعانف قوية ذات أشواك كبيرة ولذلك يجب الحـرص عنـد التعامل معها حيث أن هـذه الأشواك قد تحمل ميكروبات عديدة.
مرض الميكروب السبحي المكور Streptococcosis
يصيب الميكروب السبحي المكور الممرضٍtreptococcus sp. ٍٍS (توجد أنواع عديدة خاصة بالأسماك تم عزلها في بعض الدول العربية) معظم أسماك المياه العذبة والبحرية المستزرعة والحرة. وتبدو فيه الأسماك المصابة خاملة مع تجمع سوائل مخاطية داخل الأمعاء المحتقنة بالإضافة إلى تضخم الكبد والكلى.
وينتقل الميكروب للإنسان عن طريق الفم أو الجروح القديمة أو الحديثة الناتجة عن زعانف الأسماك أو قشورها كما يظهر المرض في صورة ارتفاع في درجة الحرارة مصحوبا بآلام في الركبة، عرق غزير، تسمم دموي ثم التهاب المفاصل عموما وقد تتطور الحالة فيصل الميكروب الممرض إلى القلب أو المخ.
أساليب الوقايه :
* التخلص من جميع الأعضاء الداخلية (الأحشاء).
* التخلص من رؤوس الأسماك.
* التبريد ثم التجميد السريع حسب نوعية الأسماك (مدهنة أو غير مدهنة).
* الحرص في التعامل مع الأسماك عند الفرز أو التنظيف أو الكشف البيطري.
* عدم استخدام التدخين البارد في معاملة الأسماك.
*عدم تناول كبد الأسماك.
* ينصح بارتداء قفازات جلدية أو بلاستيكية وذلك حماية من نقل بعض الميكروبات عبر الجروح القديمة أو الجروح المستحدثة.
*طهي الأسماك طهيا جيدا وعدم استعمال طرق التمليح الخفيف أو الشواء في وجود الأحشاء.
*التشخيص المبكر لأمراض الأسماك وعلاجها.
*إقامة برامج للتوعية الصحية لكل العاملين في مجال الأسماك عن طريق التثقيف اللازم لبيان طرق العدوى والوقاية
المصدر: www.GAFRD.org
للإطلاع على الخبر في مصدره من هنا