إرتدت الساحة المهنية بطنجة والبحر الأبيض المتوسط عموما السواد حدادا على فقدان أحد رجالات البحر بالمنطقة، يتعلق الأمر بعبد السلام الأمراني الملقب ب “الشريف كحل” ، الذي وافته المنية يوم السبت الماضي وهو في 80ت من عمره بعد معاناة مع المرض .
عبد السلام ولد في أسرة بحرية بإمتياز بالمدينة العتيقة بطنجة حيث يعد والده من أوائل مجهزي مراكب الصيد بالجر بطنجة، على إعتبار أن ملاك المراكب في ذاك الوقت كانوا أجانب ، كما يعد والده حسب محمد شابو البشير رئيس تعاونية المتوسط للصيد التقليدي بطنجة، من أوائل المصدرين للمنتوج السمكي بطنجة نحو أوربا، حيث ورث عبد السلام عن والده حب البحر والتأثر بقطاع الصيد ، إذ إشتغل أول مرة في قوارب الصيد التقليدي، تم إلتحق للإشتغال على متن مراكب الصيد الساحلي بالجر الواقعة في ملكية الأسرة والتي قضى فيها مدة مهمة .
وأضاف محمد شابو البشير الذي عاشر الرجل في سنواته الآخيرة ، ان عبد السلام الأمراني هاجر مدفوعا بنزعة الشباب نحو الخارج ، وبالضيط إلى جبل طارق ، حيث إشتغل غواصا محترفا، يقدم خدماته للمراكب تحت الماء ، قبل أن يتحول لربان للقوارب السياحية، حيث قاد مجموعة من اليخوت بصخرة جبل طارق ، والتي وطد بها علاقات قوية مع تلة من أغنياء المنطقة من ملاك اليخوت.
إشتغل الرحل كذلك بالدول الإسكندونافية على متن مراكب للملاحة التجارية، والتي قضى بها فترة طويلة، قبل أن يعود لليخوت مرة أخرى بجبل طارق ، تم حل بطنجة حيث إشتغل في بواخر نقل المسافرين كبحار ثم كميكانيكي، كما تدرج في مجموعة من الوظائف إلى ان حصل على تقاعده بمدينة طنجة. هذا التقاعد يقول رئيس تعاونية المتوسط للصيد التقليدي بطنجة، لم يغلق البحر في وجه عبد السلام ، الذي أصر على مواصلة نشاطه بالسواحل، هذه المرة كبحار في الصيد التقليدي حيث نسج علاقات قوية مع البحارة ، ولم يمنعه من البحر إلا تراجع قواه . حيث أنهى مسيرته المهنية كموظف بتعاونية البحر الأبيض المتوسط ، التي إستمر بها لقرابة عقد من الزمن.
عبد السلام الأمراني الذي نال منه المرض وقاسى معه لمدة طويلة متسلحا بالصبر والقدرة على التحمل، التي إمتلكها في صراعه مع الأمواج وحضوره المسترسل بالبحار، أشتهر قيد حياته بالذكاء والمرح ، حيث يؤكد أصدقاؤه، أن الرجل قد مارس مهنة الصيد من قلبه ، وكان سببا في دخول مجموعة من التحسينات والتقنيات لميناء طنجة ، كما تعلم على يده مجموعة من الأشخاص ليصبحوا ربابنة في عدد من المراكب ، حيث ظل حريصا على التعلم والتواصل مع زملائه بالخارج ، متابعا آخر التقنيات بكثير من الشغف خصوصا أن إتقانه للغة الإسبانية ، بسّط له مهمة التواصل مع رجال البحر بالجارة الإبيرية.
رحم الله الفقيد ورزق أصدقاءه وذويه الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون