يحظى الزونينك أو التحديد المناطقي الذي تم تنزيله مع بداية موسم الصيد الجاري بمصيدة الأسماك السطحية الصغيرة بكثير من الإهتمام لدى الأوساط المهنية ، خصوصا وأن هذا الإجراء يأتي في إطار سياسة إصلاحية ، تروم إستعادة التوازن بالمصيدة، التي واجهت مجموعة من التحديات المقلقة، جعلت المعهد الوطني للبحث في الصيد يدق ناقوس الخطر ، ويقدم مجموعة من التوصيات ذات طابع إستعجالي لإنقاذ المصيدة. في هذا الحوار الذي أجريناه مع محمد عضيض رئيس الجامعة الوطنية لهيئات مهنيي الصيد الساحلي بالمغرب، والعضو بغرفة الصيد البحري الأطلسية الوسطى، نحاول جس النبض بخصوص التقييم الأولي لنتائج إعتماد الزونينك بالمصيدة الأطلسية الوسطى “المنطقة أ” ، وتبعاته على الموانئ الثلاث للمصيدة، أكادير ، سيدي إفني، وطانطان ..
حاوره: سعيد المنصوري
مرحبا بكم على البحرنيوز ، كيف هو تقييمكم للزونينك الجديد بعد شهور من التنزيل؟
إسمحوا لي أولا أن أجدد التهنئة لكم ولقرائكم ولكل مهنيي وإداريي الصيد البحري بمناسبة عيد الأضحى المبارك. وبالعودة إلى سؤالكم ، فربما الوقت لا يزال مبكرا بخصوص تقييم إنعكاس هذا المخطط على المصايد ، لكن المؤشرات الأولية الواعدة ، تجعلنا أمام خطوة شجاعة، سيكون لها ما بعدها على مستوى الأسماك السطحية الصغيرة ، لاسيما وأن هذا القرار قسّم النشاط بالمصيدة الوسطى بين منطقتين، وحدد مجهود الصيد بكل واحدة منها ، وأكيد أن أثاره ستظهر في السنوات القادمة .
كثيرون يتحدثون على وجود تباين على مستوى المردودية بالموانئ الثلاث، التي تشكل منطقة الصيد بين أكادير وسيدي إفني وطانطان، هذا الآخير يعد اليوم صاحب الزعامة من حيث النشاط، فكيف تقيّمون مردودية البياخي الآخير ؟
هذا التباين ليس وليد اليوم ، وإنما هو إمتداد لسياسة سابقة تم إعتمادها بمصيدة طانطان، بفعل إعتماد نظام الراحة البيولوجية في وقت سابق بشرق هذه المصيدة شتاء وصيفا، بإعتبارها منطقة تتميز بعوامل مناخية ملائمة، جعلته مفرخة للأسماك السطحية الصغيرة وكذا أنواع أخرى من القشريات. وهو إجراء زاد من فعاليته تقسيم المصيدة الوسطى إلى منطقتين ، حيث أصبح نشاط الصيد بهذه المنطقة متحكم فيه ، وتم القطع مع ذاك التدفق المهول للمراكب التي كانت تحل بالميناء قادمة من العيون وأكادير وسيدي إفني بمجرد ظهور “الرشم”. وهو المعطى الذي ظل يخنق المصيدة وينسف جهود التثمين .
لكن ماذا عن ميناء أكادير وسيدي إفني ؟
إن منطقة أكادير هي في حاجة لمزيد من الصبر والجهود، لإستعادة مصايدها التقليدية. لأن الميناء مر في الشهور الآخيرة من أزمة حقيقية ، كانت لها إنعكاسات قوية. فقد ظهرت بالمصيدة مجموعة من الأحجام الصغيرة لمدة طويلة مما أدى إلى نوع من الركود بالميناء ، أثر بشكل سلبي على المراكب التي لم تتمكن من تغيير الميناء في إتجاه طانطان ، فقد عاشت هذه المراكب، ظروفا صعبة للغاية، بفعل إرتفاع مصاريف الرحلات ومحدودية المردودية . هذا فيما كانت مردودية ميناء سيدي إفني محدودة إلى متوسطة، بفعل سوء الأحوال الجوية التي تربك نشاط الميناء .
مصيدة أكادير أصبحت تثير الكثير من علامات الإستفهام والقلاقل ، فهل الزونينك كفيل بإخراجها من دائرة الشك ؟
نحن اليوم أمام مخطط واعد ، لايمكن أن يبوح بأسراره الكاملة في ظرف شهور قليلة ، وإنما يجب أن ننظر للأموار على المستوى المتوسط والبعيد ، فكما تعلمون فهناك توجّه واعد نحو تنزيل محمية جديدة بسواحل المنطقة كأحد الحلول الرامية لإستعادة الموائل، وهي المحمية التي ستعطي نتائج إيجابية من حيث الكم والأصناف، خصوصا الأحياء البحرية التي إختفت لسنوات. فسواحل أكادير كانت معروفة بالأنشوبا ، وهذه المصيدة ستنبعث لامحالة من جديد، كما سترتفع معها المردودية وتستقر، وهذا هو الأهم في ظل معالجة إشكالية التضخم بفضل الزونينك ، الذي يحصر عدد المراكب ويخفف مجهود الصيد .
تحدثم عن ميناء طانطان الذي أصبح يخطف الأنظار على مستوى المردودية ، بعد أن واجه تحديات حقيقة في السنوات الماضية ، كيف تقرأون هذا التطور الملحوظ ؟
كما أشرت سابقا ، فمصيدة طانطان تقدم نموذجا راقيا على نجاعة الإصلاحات، بعد أن مرت من مجموعة من المراحل قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم ، فالحمد لله الكل ينوه بالصورة الإيجابية التي أصبحت عليها المصيدة اليوم ، وهو ما يفسر الخلاف الذي قسّم المهنيين بخصوص هذا الميناء، قبل تنزيل التقسيم الجديد، فكثيرون طالبوا بجعل الميناء مكانا مفتوحا بين المنطقة الشمالية من المصيدة الوسطى والمنطقة الجنوبية من ذات المصيدة ، غير أن دكاء الإدارة كان له وزنه، لعلمها المسبق ان هذا الميناء يعول عليه في خلق التوزان، في ظل تراجع مصيدة أكادير وعدم إستقرار مصيدة سيدي إفني . لكن على العموم فالمردودية بميناء طانطان كانت جيدة للغاية خلال الأشهر الثلاث الآخيرة، سواء على مستوى الكم أو القيمة.
كيف ذلك ؟
من حيث الكم فقد إنتظمت مجموعة من الأصناف في الظهور وبشكل أطول، من قبيل الأنشوبا وسركالة ..كما أنه وبفعل الزونينك فالثمن عرف إستقرارا على مستوى الإرتفاع. فسابقا كنا نلاحظ أن الأثمنة لا تستقر في مستوياتها لمدة طويلة. إذ وبمجرد ظهور الصنف السمكي، كانت المراكب تحل بالمنطقة، وهو ما يتسبب في تهاوي الأثمنة. اليوم هناك متوسط مراكب في حدود 70 مركبا تنشط بميناء الوطية. وهو أقل بكثير مما كان سابقا. كما أن المفرغات إنتعشت بشكل كبير حيث تم تسجيل في بعض الأيام ما يفوق 1000 طن كمفرغات في اليوم. فمصيدة طانطان أنقدت مجموعة من مراكب الصيد بالمنطقة، من الأزمات التي فرضتها تطورات المحروقات وكذا أزمة شح المصايد، التي عرفتها المنطقة مع بداية السنة، وهذا يعزى للتقسيم الآخير، فالمصيدة مرشحة لتقديم مؤشرات إيجابية مستقبلا، لاسيما بعد عطلة العيد سواء على مستوى الكم والكيف، لأن الأحجام ستتحسن خصوصا الأنشوبا.
الإصلاحات تحتاج للإستثمار في الوعي البشري، بإعتباره الضامن الحقيقي لتنزيل المخططات . ما تعليقكم؟
صحيح الوعي المهني له التاثير على ما يقع في قطاع الصيد، لكن حتى أصدقكم القول فاليوم نحن أمام وعي مهني عارف بواقع المصايد وتحدياتها الجوهرية، حتى أن الوعي المهني أصبح في السنوات الآخيرة وعيا إقتراحيا. فاليوم لم تعد هناك تلك المواجهة مع الإدارة بخصوص تنزيل الإصلاحات الهيكلية المرتبطة بالمصايد. كما أن إقتراحات المهنيين، هي تسهل على الإدارة التخطيط وإتخاذ القرار. وهذا ما وقع بطانطان ، ويقع أيضا اليوم بأكادير، فبعد ظهور الأحجام الصغيرة إختار المهنيون التوقف لضمان نمو الصغار، كما أن نقاش المحمية المنتظرة يعرف إنخراطا مهنيا جادا. وهي مؤشرات تؤكد النضج الذي صار عليه الفاعل المهني، لأن نشاط الصيد يفرض وجود مصايد مستدامة، وتضرر المصيدة هو تهديد للإستثمار ومورد الرزق. لدى وجب تضافر جهود مختلف المكونات القطاعية لإستعادة التوازن وصيانة المكتسبات بمختلف المصايد.