عبد اللطيف السعدوني : نتمنى من الوزارة أن تعمل على تقييم استراتيجية أليوتيس في شكل مناظرة كمحطة تاريخية جديدة بدل الارتكاز على التقييم الشكلي والمجزء.
السعدوني : ليست القوانين لوحدها قادرة على الردع واستبعاد اللهفة وثقافة الشكارة والربح السريع بكل الطرق وإنما استحداث علاقة جديدة بكل الفاعلين وتقييم طرق تنزيل القوانين
في هذا الحوار يتحدت عبد اللطيف السعدوني رئيس الفدرالية الوطنية لتجار السمك بالجملة بالأسواق الوطنية عن أسعار الأسماك خلال شهر رمضان وسر إرتفاعها كما يتحدت عن موقف فدراليته من جديد ملف الإقتطاعات لصالح المكتب الوطني للسلامة الصحية وقانون 14.08 وقرار منع سمك العبور هذا فضلا عن موقف الفدرالية من التطاحنات المهنية التي يعرفها القطاع.
حاوره : محمد عكوري
نحن في شهر رمضان ربما هو الشهر الذي يميل فيه المغاربة لاستهلاك الأسماك بشكل مهم، فكيف يمكن استغلال الشهر الفضيل من أجل الرقي بمستوى استهلاك الأسماك على المستوى المحلي ؟
بخصوص شهر رمضان الكريم وميل المستهلك المغربي إلى الإقبال أكثر على المنتوج السمكي فإن الإشكال يتعلق بالعرض والطلب ومدى وفرة المنتوج بالأسواق الوطنية أينما كانت، وبالتالي فالغاية هي احترام جودة المنتوج ومراعاة جيب المواطن لاسيما أن الهاجس يصبح ملازما لكل العلاقات بدءا من الصيد إلى التسويق. نتمنى ولتحقيق غاية – منتوج جيد وسليم بثمن مناسب ومحترم لمستهلك يستحق منا خدمته والاستجابة لطلباته –السير قدما بطرق أكثر إيجابية على مستوى تسويق السمك باستحداث أسواق نموذجية ضروري لاسيما المجالس المحلية والقروية التي يجب أن تأخذ على عاتقها تشييد أسواق صغرى تلازم التكتلات السكنية وتشيع شكل جديد لإيصال المنتوج إلى المستهلك بالمدن والقرى والجبال وفق ضوابط السلامة الصحية، وبوفرة تستجيب لمقايسة الاستهلاك الفردي، فبعض المناطق في المغرب لا يصل الاستهلاك الفردي بها حتى 5 كيلوغرام سنويا للفرد، إن لم نقل أن مناطق نائية تجهل السمك وتغذيته.
قدمتم في الأيام الأخيرة مقترحين بخصوص ما بات يعرف بموضوع السلامة الصحية، قربنا منها أكثر وماذا عن الأداء الذي أثار حفيظة بعض التجار في هيئات مهنية أخرى بحكم تمسكهم بمجانية خدمات المكتب الوطنية للسلامة الصحية ؟
بخصوص موضوع السلامة الصحية وكي لا نكون مستهليكن للخطابات والسفسطة فقد سبق وأن جالسنا المدير العام للمكتب الوطني للبيطرة والسلامة الصحية بالرباط بحضور فيدرالية مجمدي السمك ومصبري السمك والوزارة الوصية ممثلة بمديرة صناعات الصيد بتاريخ 03/12/2013 بالرباط على إثر قرار الآداء عن شهادة سلامة المنتوج بقيمة 150 درهم يؤديها التاجر وبفعل إقناعنا للمدير العام المذكور سالفا وتقديم اقتراحات عملية ووازنة تسهل إمكانية ولوج الأسواق الوطنية بوصل خروج المنتوج مؤشر عليه بصحة المنتوج المضمن وبالفعل استجابت الإدارة لهذا الغرض بناءا على إيمانها بقلة الموارد المادية والبشرية ورهانات خصوصياتها كإدارة عمومية بدأت تشتغل على البعد الاستقلالي بناءا على القرار الحكومي. وقد جاء موقف الفيدرالية في الجمع المشكل من كل الهيئات بحضور السيدة الكاتبة العامة للوزارة نابع من قواعدنا المهنية ومحافظ على مصلحة التجار والإكراهات التي يعانونها للحصول على هذه الشهادة البيطرية والتي باتت تشكل بالنسبة لهم عبئا إضافيا إن لم نقل أنه في غالب الأحيان يصبح ابتزازا، فأداء 50 درهما عن الشاحنة كحد أقصى أثناء البيع الثاني أي بالأسواق وإعفائنا بواسطة الاعتماد على وصل خروج المنتوج الخاص بالمكتب الوطني للصيد يعتبر مكسبا واقتراحا وازنا بعيدا عن كل الاحتقانات المجانية وكثرة الهدر الذي لا يفيذ، فنحن جئنا لنؤسس ثقافة الاقتراح والبدائل ومراعاة ظروف المرحلة لا الامتناع والكذب والمراوغة والشعبوية التي تنبني على ضعف المواقف وأحيانا بيعها بالمجان، لسنا بوقا لأي أحد ولا نراهن على منحة من أي أحد والكل يعرف مواقفنا حتى من الاقتطاع الذي سارت فيه بعض الجمعيات دون حسيب ولا رقيب والتاريخ إن أكساك فلن يعريك أحدا وإن فضحك فالعوض على الله.
تحدتت مصادر أن إجتماعات مارطونية مع مختلف التشكيلات المهنية إحتضنها مقر المكتب الوطني للسلامة الصحية في الأيام القليلة الماضية. ما الجديد الذي حملته هذه اللقاءات ؟
هي لقاءات أكدت على أن الإقتطاعات التي ستطبق على كل من المجهز والتاجر قد حددت في سنتيمين على كل كلغ من الأسماك البيضاء، على ان لا تتجاوز قيمة الإقتطاع 100 درهم كسقف مهما بلغ وزن الشحنة من الأسماك. هذا في الوقت الذي تم فيه إعفاء الأسماك الصناعية من هذا الإقتطاع بإستتناء تلك التي يتم إدخالها للسوق بالموانيء، فقد حدد قيمة الإقتطاع على كل كبلوغرام منها في ستيم واحد، على أن لا يتجاوز سقف الإقتطاع 50 ذرهما. لكن الجديد الذي حملته هذه اللقاءات هو ان شهادة الخروج التي يمنحها المكتب الوطني للصيد ستتضمن خلاصة الشهادة البيطرية التي يتم منحها مقابل الإقتطاع والتي ستكون صالحة للإدلاء بها لدى مختلف المصالح مما سيحد من تلك المشاحنات والتعقيدات التي عادة ما كانت ترتبط بطلب معاينة الأسماك من طرف البيطري في مراحل مختلفة وهو الأمر الذي ينسجم مع مقتراحات الفدرالية.
نترك السلامة الصحية ونتجه نحو إشكالية التسويق باعتبارها تشكل عائقا أمام المجهر والتاجر على السواء فأين يكمن الخلل ؟
بخصوص إشكالية التسويق فكانت بالنسبة للفيدرالية الوطنية هاجسا مركزيا والكل يعلم من بعيد أو قريب عن طبيعة اللقاءات الساخنة التي جمعتنا بوزارة الصيد والمكتب الوطني للصيد وزياراتنا التفقدية لأسواق الشمال والوسط والجنوب وتدخلاتنا بأسئلة كتابية وشفوية في البرلمان من خلال تقربنا من ممثلي الأمة.
حقيقي أن إكراهات تسويق المنتوج السمكي كثيرة وتتطلب تحديا كبيرا من طرف الجميع (إدارة وصية، مجتمع مدني، بحارة، ربابنة مراكب، تجار) في هذا الإطار يمكن للكل أن يؤمن أن كل هدر للثروة السمكية من صيد جائر وعشوائي وغير مصرح به هو جريمة ضد الوطن لأنه يمس جوهر القيمة الغذائية للجيل الحاضر والآتي ويضرب عرض الحائط المقومات الاقتصادية للأمة، كما أن كل تاجر يسوق أو يهرب منتوجا سمكيا دون إحترام منبع بيعه وطرق تسويقه يمس صحة المستهلك مباشرة أو غير مباشرة وبالتالي فكل نداءاتنا من أجل القطع مع تراكمات سلبية عاشها قطاع الصيد البحري صيدا وتسويقا نابع من حسنا الوطني ومدى إدراكنا للقيمة الاقتصادية والاجتماعية التي يمكن لقطاع الصيد البحري أن يمثلها بشكل أكبر سيما إذا ساهمنا كلا من موقعه في إقصاء ثقافة الذات الزائغة واستحضار الوطن بكل ثقله بشكل استباقي.
فليست القوانين لوحدها قادرة على الردع واستبعاد اللهفة وثقافة الشكارة والربح السريع بكل الطرق وإنما استحداث علاقة جديدة بكل الفاعلين وتقييم طرق تنزيل القوانين إلى أرض الواقع بشكل معافى وسليم وترتيب بنية تحتية قوية يلتئم فيها الصيد والتسويق ويتلازم العرض والطلب وفق الخصوصيات المكانية والزمانية.
لازال قانون 14.08 المنظم لتجارة السمك يسيل الكثير من المداد في ظل الافتقار للبنيات التحتية الضرورية ألا ترى معي بأن الوزارة الوصية كانت متسرعة شيئا ما في تنزيل القانون لا سيما أن تنزيل القانون يفترض وجود أرضية صلبة تحد من عدد التجاوزات؟
بخصوص القوانين المستحدثة (قانون 08-14 وقانون 12-15) فقد جاءت هذه القوانين لتنظيم تجارة السمك وضبط أوجه الصيد الغير الصحيح والذي بات ينخر جسد القطاع المهني ويؤثر سلبا على كل بنياته من تسويق وتصنيع واستهلاك محلي، بل الأكثر من ذلك أن قانونا غايته خدمة القطاع وفاعليه ولو أنه أحيط بكثير من الاعتراض والافتراض والتأويل فإنه لا بد من التوافق من أجل محاربة كل مظاهر الفساد التي تحيط بالصيد والتجارة معا. فالكل ليس مطالب أن يصفق للقانون نظرا لاختلاف المصالح وتباعد وجهات النظر وملازمة النصوص القانونية بطبع الأمر والنهي دون ملامسة جزئيات الخصوصيات، وبالتالي فنحن لا نعتبر القانون نصا مقدسا وإنما هو اصطلاح متوافق عليه قصد الانضباط والرضوخ لأوامره وبالتالي على كل الجهات وبدءا بالغرف الممثلة دستوريا واستشاريا للهيئات المهنية للصيد بكل أشكاله أن تخرج من خرقتها الضيقة وصمتها المفتعل ولاءاتها الغير المبررة أحيانا إلى ثقافة الاقتراح والبدائل والمساهمة جنبا إلى جنب مع كل المهنيين في صناعة قوانين مضبوطة وموضوعية أكثر وتراعي خصوصية المغرب كبلد بسيادة وتعدد الجهات والمهن التي تعيش على البحر وخيراته، فسؤالنا المشروع هل يساهم التاجر الصغير والبحار الكادح في صياغة قرارات وقوانين واستراتيجيات لخدمة قضاياه وقضايا الوطن ؟
خلف قرار منع سمك العبور عددا من ردود الأفعال في الأوساط المهنية لاسيما بالجنوب فما محل هذا القرار من الإعراب في فدراليتكم؟
إن العمل بسمك العبور لم يأت على شكل قانون وإنما هو قرار وزاري جاء تحت ضغط إشكالية الطلب والعرض وتحت غطاء ومبرر طبيعة الأسواق داخل الموانئ وحجم التجار. فالمنتوج السمكي أصلا يأخذ قيمته التجارية بالموانئ داخل السوق أو مراكز الفرز بخصوص السمك السطحي وكل عملية خارج هذا الإطار هي اجتهاد يخدم جهة ما جاءت بناء على ضغط جعل الوزارة معه تلجأ إلى سياسة جبر الخاطر، سؤالنا المشروع: كيف سنشتغل بسمك العبور وفق قانون 12 – 15 وكيف يمكن أن نفعل إجراء آداء الرسوم بشكل تقاربي دون معرفة نوع السمك وكمه واللجوء إلى المراقبة الصحيحة والفعلية ؟
فغايتنا ليست استهداف أي أحد وإنما تقريب المعرفة وفتح الأفق على تصورات، وكيف يمكن أن نتصور الرجوع إلى سياسة الماضي باقتراحات غير ممنهجة ولا منظمة تكترث لرأي جهة على حساب جهات أخرى . الأولى هو تقديم بدائل وازنة والإقرار بطبيعة مراقبة صحيحة واحترام أساس المنافسة الشريفة في التجارة مع مطالبة الوزارة الوصية بالعمل على توفير ظروف سليمة لتسويق المنتوج والمساهمة أكثر في معرفة ورصد مكامن الخلل في المنظومة بكاملها.
لكن مجموعة من التمثيليات المهنية عبرت عن سخطها ورفضها للقرار بحجة صعوبة التسويق داخل مناطق موانئ التفريغ وهو الأمر الذي ينعكس بشكل سلبي على المجهز والبحار على عكس التجار ؟
تحدتنا سالفا عن ضرورة إحترام مبدأ المنافسة الشريفة في التجارة و مطالبة الوزارة الوصية بالعمل على توفير ظروف سليمة لتسويق المنتوج والمساهمة أكثر في معرفة ورصد مكامن الخلل في المنظومة بكاملها أما بخصوص سؤالكم فلا يسعنا إلا أن نلتمس العذر لأرباب المراكب إذا ما بخس التجار منتوجهم داخل أسواق الموانئ بشكل متعمد وممنهج ومتفق عليه ما دام بعض من التجار غايتهم ليست نبيلة وما دام كذلك بعض أرباب المراكب قد استأنسوا أكثر بتجارة السمك وتحويل منتوجهم إلى جهات يجدونها تنقص عليهم عبئ الرسوم والواجبات.
في ظل مختلف الإشكالات التي وقفنا عليها آنفا ماذا عن التطاحنات المهنية التي أنهكت القطاع؟
انطلاقا من الإشكالات المطروحة والتي باتت تؤرق بال المهنيين وتؤسس مخاضا من الاحتقانات بل تفجر مشادات وسجلات ولا تؤسس لثقافة الحوار والاختلاف، نراهن كفيدرالية وطنية على ميلاد علاقة ثقافة الحوار والاقتراح والاعتماد على الإعلام الفاعل والموضوعي وبناء جسر التلاحم بين كل المهنيين لتأسيس مجلس أعلى لشؤون البحر أي هيئة لها صفة الاستشارة الوازنة والتمايز عن بدائل خالف تعرف.
كلمة آخيرة ؟
في الأخير، نتمنى من الوزارة أن تعمل على تقييم استراتيجية أليوتيس في شكل مناظرة كمحطة تاريخية جديدة بدل الارتكاز على التقييم الشكلي والمجزء فالرهان على المهنيين أن يؤتتوا بيتهم بيدهم في شكل مقاربة تشاركية مع جميع الجهات الوصية على القطاع.