لا حديث في أوساط البحارة في الساعات القليلة الماضية إلا عن الكوطا التي ستطبع الموسم الشتوي ، حيث تقاطرت على البحرنيوز مجموعة الإتصالات والإستفسارات، التي تستفسر عن كوطا الموسم الشتوي ، لاسيما بعد النتائج المعلنة من طرف المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري ، والتي تتحدث عن تراجع كبير مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية. وهو المعطى الذي يجعل من الكوطا المعلنة في الموسم الشتوي الماضي ستعرف تراجعا قويا.
ولأننا إعتدنا في البحرنيوز على قراءة الأحداث من خلال الترتيب بين المعطيات المتوفرة، يمكن القول بأن الكوطا المنتظرة سيطبعها التقشف ، ناهيك عن الحذر والإحتراز الذي سيطبع القرار المنظم، من أجل ضمان موسم إنتقالي يجمع بين الترخيص بالصيد لتحرير الأطقم عن حالة العطالة الإضطرارية ، والتوجه نحو الأصناف البحرية التي تعرف تطورا مهما من قبيل السيبيا والكلمار وبعض الأصناف الآخرى ، بما يضمن حماية الأخطبوط، الذي يواجه الكثير من التحديات البنيوية والبيولوجية في تطور المصيدة . غير أن إعلان إنطلاق الموسم هو يؤكد بما لا يترك مجالا للشك أن التوافق حول طبيعة وحجم الكوطا قد بلغ مستويات متقدمة، بين الإدارة والفاعلين، في حدود المعقول وبناء على الحدود الممكنة، التي تحدّها توصيات المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري.
وأكيد أننا تحدثنا من داخل البحرنيوز في مقال تحليلي سابق، أن المؤشرات العلمية المعلنة تجعلنا امام وضعية تكاد تكون قريبة من سنة 2019 أو 2020، مع الإختلاف الحاصل في السياقات التي تسبق القرار ، على إعتبار أن إستئناف الصيد يحدث بعد إلغاء الموسم الصيفي لصيد الأخطبوط من جهة ، وكذا في وضعية مطبوعة بالتقلبات الفجائية للأثمنة على مستوى الأسواق الدولية ، ناهيك عن الضغوطات السياسية والإجتماعية الناجمة عن أزمة المصيدة ، على إعتبار أن تحديات الأخطبوط هي من أكبر الأزمات البحرية التي تواجه الوزير الجديد على مستوى حقيبة الصيد.
ولأن لقاء لجنة الأخطبوط إمتزج فيه الإيجابي من خلال إعلان تحسن مجموعة من المصايد ، والسلبي بإستمرار تراجع مصيدة الأخطبوط، بما يحمله هذا المعطى من مخاوف علمية وتوجس مهني كان باديا خلال اشغال اللجنة ، فإن حالة من الترقب نطبع الأوساط المتتبعة لمصيدة الأخطبوط ، بأي حال سيعود القرار الجديد، وماهي المتغيرات الممكنة على مستوى التنظيم المهني ، خصوصا وان إدارة الصيد إستبقت إعلان موعد إستئناف صيد الأخطبوط بالمصيدة الجنوبية، بمذكرة تنظيمية.
وتستهدف هذه المذكرة قطاع الصيد التقليدي، سواء على مستوى التفريغ و والتصريح بالمصطادات وكذا العملية التجارية ، ناهيك عن المعالجة والتخزين بوحدات التجميد وكذا نقل الأخطبوط إلى وجهات آخرى. وهو تطور تنظيمي يراهن على محاصرة السوق السوداء، وقطع الطريق على مجموعة من الممارسات الشادة، التي ظلت تعرفها المنطقة الجنوبية ، غير أن هذا الإصلاح يجب أن تمتد فصوله أيضا لأليات الصيد المستعملة من طرف باقي الأساطيل ، وتعزيز أليات المراقبة لمسايرة الركب، ومواكبة الإصلاحات التي يتم تنزيلها على مستوى إستغلال المصيدة .
وحتى نفهم مستقبل الكوطا الحالية ، كان لزاما إعادة جرد الكوطا الشتوية المقترحة في السنوات الآخيرة ، والتي إتسمت بعدم الإستقرار متأرجحة بين 18000 طن كأضعف كوطا للمواسم الشتوية تم إقرارها سنة 2019 و 43500 كأعلى كوطا تم إعتمادها برسم 2022 يعني الموسم الماضي. لدى فالكوطا الحالية ستكون بين هذين الرقمين بإسقاط حجم التراجع الرهيب المعلن من طرف المعهد، فنحن نعلم مسبقا أن المصيدة تراجعت بأزيد من 80 في المائة مقارنة مع السنة الماضية التي عرفت أكبر كوطا في العقد الآخيرة لدى فمنطق العقل يقول بأن هذه الكوطا ستتراجع بشكل كبير لمسايرة السياسة التقشفية والإنتقالية التي ستطبع القرار الجديد المنتظر .
وللتدكير بالكوطات الممنحوحة في المواسم الشتوية الآخيرة ، فموسمي 2017 و2018 كانا قد عرفا إستقرارا نوعيا ب 35000 طن ، فيما تهاوى حجم الكوطا بقرابة النصف ليتوقف عند سقف 18000 طن في 2019 كأضعف موسم في السنوات الاخيرة، لتعود الكوطا للإرتفاع إلى 22000 طن سنة 2020 ثم إلى 26000 طن سنة 2021، فيما يعد الموسم الشتوي 2021-2022 أحد أبرز المواسم في العقد الآخير، حين تم إعلان كوطا إستثنائية بكل المقاييس في حدود 43500 طن.