غدَاة مباشرةِ سفينة التنقيب عن النفط، حاملة لاسم “روان روُنيسُونسْ” وتابعَة لمجموعة “ريبسُول” الإسبانيَّة، أعمال حفر وسط مياه المحيط الأطلسي، باتت مخاوف الواقفين وراء المبادرة تتنامَى تجاه توترٍ مع المغرب، على اعتبار أنَّ عمليَّات التنقيب جرت مباشرتها ضمن نقطة تقعُ على بعدِ خمسِين كيلومترًا من الجزر الواقعة تحت سيادَة مدرِيد.
ومردُّ الإشكَال بين السلطات الإسبانيَّة ونظيرتها المغربيَّة يقترن بكون الرباط ترى أنَّ حيز التنقيب البعيد بخمسين كيلومترًا عن سواحل جزيرتي “لانثَاروتِي” وَ”فويرتِي فونتُورَا” لا تتبعُ المياه الإقليمية لإسبانيا، بالنظر إلى عدم وجود اتفاقٍ وترتيب نهائيين للحدُود في المنطقة بين البلدين.
عمليَّات التنقيب ستتمُّ بحفر إلى عمق 3 آلاف متر، طيلة شهرين، في حين ترى الرباط أنَّ الموقع المباشر به العمل هو ضمن منطقتها الاقتصاديَّة الخاصَّة، كما هُو مشارٌ إليه في الظهير الصَّادر بتاريخ الثامن عشر من أبريل للعام 1981.
زيادةً على ذلك، تقفُ اتفاقيَّة منظمة الأمم المتحدَة حول حقوق البحر، إلى جانب المغرب، بتنصيصها على أنَّ الجزر غير المستقلَّة، مثلما هُو الحالُ لجزر الكناري، التِي لا تمثلُ سوى أقالِيم إسبانيَّة، لا يمكنُ لها أنْ تقول بامتلاكها مياهًا إقليميَّة.
الاتفاقيَّة الأمميَّة تقتضِي ألَّا تتجاوزُ حدود الماه التابعة لجزر غير مستقلَّة إلى أكثر من 12 ميلًا، أيْ نحو 22 كيلومترًا، لا أكثر، وهو البند الذي ينطبق على الكناري بمقتضى مقرر اللجنَة الأوروبيَّة أيضا.
تبعًا لذلك، فإنَّ جزر الكنارِي تكُون قدْ خرقتْ الوثيقة الأمميَّة بتخطِّيها للبؤرة المسموح لها، ضمن 22 كيلومترًا، لتصلَ إلى التنقيب عنْ الذهَب الأسود في 50 كيلومترًا، فيما كانت أصوات معارضة بشدَّة للتنقيب قدْ نشطت ضدَّ سلطات الجزر الإسبامية.
بالإضافة إلَى مخاوف إقبال عمليَّة التنقيب الإسبانيَّة في الأطلنتي على تلبِيد علاقات الرباط ومدريد، ينبهُ ناشطُون فِي الدفاع عن البيئة إلى خطر التلوث الذِي يحدقُ بالجزر، فِي حال استمرَّت عمليَّات التنقيب، سيما أنَّ الجزر تعتمدُ إلى درجةٍ كبيرة على أنشطة سياحيَّة مرتبطة بسواحلَها النظيفة.
وفِي سياقٍ ذِي صلة، كانت دراسةُ لشركة “ريبسُول” الإسبانيَّة قد خلصت في وقتٍ سابق، إلى أنَّ المغرب سيكُون الأكثر تضررًا في حال أفضَت عمليَّة التنقيب إلى وقوع حادث، بحيث إنَّ أزيد من 26 في المائة من المطروحات ستذهبُ إلى المغرب، في حين لنْ تتعدَّى المطروحات صوبَ جزر الكناري نحو 6 بالمائة.
هسبريس