يعجز الدماغ أن يستوعب ما حققه أسود الأطلس ونحن الذي ضقنا ذرعا من خطابات التيئيس والعجز، التي ظلت تغطي عن نجاحات بحققها أبناء هذه المملكة الولادة هنا وهناك، في ميادين مختلفة يمكن الحديث عنها بإسهاب في مقالات قادمة . لأن ما تحقق اليوم ليس مجرد صدفة كما يحلو للبعض تأويلها وتسويقها ، وإنما عمل محبوك على مستوى الجودة بإعتراف أساطير اللعبة وكبار المحللين.
لا أريد هنا الخوض في الطريقة التي تحقق بها ما تحقق من إلهام ونجاح، لأن الكل كان شاهدا عليها بكل تفاصيلها، حتى وهي تنسج كحلم جميل إنطلق مع أيقونة كرة القدم الإفريقية إيطو وصولا للعبارة الشهيرة الصادرة عن مايسترو السمفونية وليد الركراكي، الذي علمنا أنه لن يخيب من وضع النية ووثق في الإنجاز، وهو الذي لم يعد مكتفيا ببلوغ الربع أو النصف ، وإنما يطمح للعودة إلى المملكة ومعه الكأس الحلم ، بعد أن أصبح المغرب اليوم اول دولة عربية وإفريقية تصل لهذا الحد من المنافسات.
قراءة هذا الطموح وإسقاطه على ما تحقق ويتحقق إلى اليوم ، يفتح أعيننا على قدراتنا ونحن اليوم الذين أصبحنا نقول “علاش لا” بدل عبارة “راكم غير كتحلموا”. ونحن البلد لذي حقق الحلم وتسلق الدرجات، وجعل العالم بصغيره وكبيره. يقف مشدوها من حجم المفاجأة التي أحدثها منتحب بلادي، ليرتقي المراتب في اتجاه اعتلاء منصات التتويج. لأن الإنجاز علمنا الثقة في النفس والطموح لتحقيق الذات ، من خلال استغلال امكانياتنا، وتجميع القدرات في قالب متكامل ومندمج، تحكمه توجيهات القائد وترسخه روح الفريق ، وتلفه ثقة المحيط ، كثالوث يصنع المعجزات اليوم في قطر.
فكم أنتم رائعون يا أسود بترويضكم لبحارة البرتغال وقبلهم إسبانيا ، في مشهد جعلنا مع الكبار، بعد أن رفعنا السقف على المستوى الإقليمي والقاري والعربي، لنلهم الجميع ، ونحن نشاهد بأن متغيرات كبرى تحدث على مستوى العالم ، ترسم معالم جديدة للارض، ونحن من طبيعة الحال لسنا بمعزل عن هذه التطورات ، حيث أن بلادنا ولله الحمد. أخذت بزمام الأمور لتصنع لنفسها مشاهد التميز والإشعاع، على مجموعة من الأصعدة الإقتصادية والإجتماعية والسياسية والثقافية والرياضية بما فيها كرة القدم التي تعرف تحقيق أشياء جميلة بالبلاد ، وكذا للقارة. فكم هو واهم من يعتبر كرة القدم مجرد لعبة، تجمع فريقين متنافسين ، تبدأ مع صفارة الحكم وتنتهي بصفارته أيضا ، وإنما هي بنك من الأحاسيس والتاكتيكات، التي تمتد تفاصيلها خارج المستطيل الأخضر. لتفعل العجائب بالفاعلين الصغار والكبار في مختلف الميادين والقطاعات.
شكرا للمنتخب وهنيئا من جديد بما يتحقق من إنجازات للمغاربة، بقدر ما نحن في انتظار أن نشاهد إنجازات مماثلة في قطاعات مختلفة، نرفع معها سقف الطموح لما لا نهاية، من أجل مغرب منتصر، طموح ومتفرد في خلق أفراح العرب والأفارقة كما عوّدنا رجالات هذا البلد الآمن المستقر . فاللهم كثر حسادنا ، فإننا في درب التطور والتقدم ماضون .