حذر فاعلون مهنيون من حدوث إنتكاسة في مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة بسواحل طانطان الموسم القادم، خصوصا بعد الحصيلة الإستثنائة التي سجلها الميناء في الموسم الجاري، والتي أعادت المصيدة إلى سنوات التوهج والوفرة. وذلك بفعل الإصلاحات الكبرى التي عرفتها المصيدة على المستوى الإداري والمهني، والتي كان من بين أبرزها الراحة البيولوجية التي تبناها الفاعلون المهنين طيلة الربع الأول من السنة الجارية.
وأكد ذات الفاعلون في تصريحات متطابقة للبحرنيوز، أن هناك ممارسات تهدد مختلف الإصلاحات التي تم تنزيلها في المصيدة ، خصوصا وان الأيام الآخيرة بدأت تعرف إنتشارا واسعا لإنات السردين الحاملة للبيوض، ما يعني أن صيدها يهدد إستدامة توهج المصيدة، حيث دعا ذات الفاعلون إلى التفكير بجدية في إنهاء الموسم قبل موعده لفسح المجال لراحة بيولوجية شبيهة بتلك التي تم إعتمادها مطلع هذه السنة، لضمان إستعادة المصيدة لأنفاسها بعد الجهد الكبير الذي عرفته طيلة الشهور الماضية.
ودعت ذات المصادر إلى إقرار راحة بيولوجية إستثنائية يتبناها الفاعلون المهنيون، تنطلق من منتصف شهر دجنبر القادم على اقصى تقدير، مع دعوة وزارة الصيد إلى إغلاق بعض المضلعات الصخرية بسواحل المنطقة، وبشكل مستعجل لحماية المخزون من الأسماك السطحية الصغيرة، لاسيما وأن مجموعة من المراكب أصبحت تستعمل وبشكل مسترسل بالونات التشوير “البويات”، حيث تتم مطاردة السردين حتى في المناطق الصخرية، التي ظلت بمثابة مكان آمن لأسراب السردين الهاربة من أماكن الضغط المفتوحة .
ويؤكد الفاعلون المحليون أن أي توقف محتمل، يجب أن يشمل مهنيي الصيد الساحلي صنف الأسماك السطحية الصغيرة بكل من ميناء الوطية وسيدي إفني، لاسيما وأن هذين الميناءين الجارين هما يشتركان أولا في ذات الجهة بإعتبارهما نافذيتين بحريتين لجهة كلميم واد نون، كما يشتركان في ذات المصيدة بعد التقسيم الجديد الذي قسم المصيدة الوسطى إلى مصيدتين “أ” و “ب”. حيث بات لزاما على المهنيين التفكير بشكل مشترك، لفسح المجال أمام قطاع الصيد، ليكون سباقا لإعتماد قرارات جهوية تساير خصوصيات المصايد، وتشترك في مواجهة التحديات، بما يضمن نوعا من الإنسجام على مستوى السياسة القطاعية الجهوية .
وبخصوص الكوطا الفردية أكدت ذات المصادر، أن اغلبية المراكب هي على مشارف إستنفاذ حصتها السنوية، وغالبية المراكب قد تنهي حصتها مطلع الشهر القادم، ما يجعل من التوقف خلال منصف الشهر القادم، خيارا إسترتيجيا يجب أن يكتسي طابع الإلزام، لأن المصلحة العامة تسبق المصلحة الخاصة، والعمل على حماية المخزون، يجب أن يكون محط إجماع مهني تؤكد المصادر الفاعلة. فالمهنيون لن يقبلوا بعودة المصيدة إلى زمن الفوضى واللامسؤولية ، التي حولت ميناء الوطية في وقت من الأوقات إلى مجرد كراج للمراكب .
ويربط مهنيون التطور الذي عرفته المصيدة، بالتضحيات المهنية في قطاع الصيد الساحلي، في سياق تفاعل أهل الحنطة مع السياسة الإصلاحية التي تم إعتمادها بمصيدة طانطان، من قبيل إعتماد نظام الراحة البيولوجية في وقت سابق بشرق هذه المصيدة، بإعتبارها منطقة تتميز بعوامل مناخية ملائمة، جعلتها مفرخة للأسماك السطحية الصغيرة وكذا أنواع أخرى من القشريات. وهو إجراء زاد من فعاليته تقسيم المصيدة الوسطى خلال هذا الموسم الحالي إلى منطقتين، حيث أصبح نشاط الصيد بهذه المنطقة متحكم فيه. وتم القطع مع ذاك التدفق المهول للمراكب، التي كانت تحل بالميناء قادمة من العيون وأكادير وسيدي إفني، بمجرد ظهور “الرشم”. وهو المعطى الذي ظل يخنق المصيدة وينسف جهود التثمين.
وتقدم مصيدة طانطان وفق ذات المصادر، نموذجا راقيا على نجاعة الإصلاحات، بعد أن مرت من مجموعة من المراحل قبل أن تصل إلى ما هي عليه اليوم، فالكل ينوه بالصورة الإيجابية، التي أصبحت عليها المصيدة اليوم، إذ اصبحت مضرب الأمثال نظير إنتعاشها وتطورها، بفعل عودة ظهور مجموعة من الأصناف، التي غابت عن السواحل المحلية، من قبيل ساركالا والأنشوبا .. وغيرها من المصطادات النوعية، التي أصبح لها حضور، يكاد يكون متوازنا بالسواحل المحلية، وعلى بعد مسافات قريبة في سواحل الإقليم.
ويعد النجاح المحقق اليوم ثمرة التكامل الحاصل بين الإدارة والمهنيين، وهو تلاحم تؤكده الإرادة القوية لضمان إستدامة المصيدة، حيث إختار المهنيون مع مطلع هذه السنة، توقيف نشاطهم بشكل إختياري، رغم الصعوبات التي واجهت غالبية المراكب، لمنح المصيدة فرصة نحو التجدد. وهو الموقف الذي باركته الإدارة ، وضمنت تنزيله بشكل سليم، وفق مقاربة تنبني على الإستثمار في الوعي البشري من جهة، والتصدي لمختلف الممارسات التي من شأنها التشويش على دينامية الإصلاحات المنجزة بالمصيدة. حيث تم تعزيز دوريات المراقبة، والتفاعل بشكل صارم مع المخالفات، مع التحسيس بأهمية تبني تدابير تعيد الإعتبار للمصيدة، في إطار المناطقية والحصة الفردية.