سجلت صادرات المنتجات البحرية تراجعا على مستوى الحجم في حدود 4 في المائة، خلال 2021 مقارنة مع السنة التي قبلها. وهي نتائج تعود بالأساس إلى تراجع صادرات منتوجات الأسماك السطحية الصغيرة . حيث عزا بلاغ صادر عن وزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات هذا التراجع إلى انخفاض دقيق السمك (ناقص 25 في المائة)، والسردين المعلب (ناقص 18 في المائة)، وكذا السردين المجمد (ناقص 14 في المائة)، والتي تمثل 53 في المائة من إجمالي حجم الصادرات خلال 2021.
وتعيش مصيدة السردين أحد أحلك مواسمها في الآونة الآخيرة، حيث رصد المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري هذا الوضع المقلق، من خلال تقديم مجموعة من المؤشرات السلبية والمقلقة حول مصيدة الأسماك السطحية الصغيرة، ضمن لقاء كان قد جمعه بالتمثيليات المهنية حول هذه المصيدة في آواخر شهر نونبر من سنة 2021. وهي مؤشرات حملت في صداها وقع الصدمة خوفا من فقدان هذه المصيدة، لاسيما وأن المغرب ظل يصنف من طرف المنظمات الدولية المختصة، كأحد البلدان المهمة والريادية في إنتاج وتصدير سمك السردين. الأمر الذي ولّد قناعة عرفية تغلّف الوعي المهني بكون مصيدة السرين ، المصيدة التي لا تنضب بالسواحل المغربية .
وشدد المعهد حينها، ضمن توصياته على ضرورة التعجيل بإتخاذ تدابير، تضمن نوعا من التوازن للمصيدة، التي تواجه جهدا كبيرا يهدد إستدامتها. حيث أصبحت مراكب السردين ترصد الكثير من التغيرات على مستوى مجموعة من الأسماك السطحية الصغيرة. وهي الظاهرة التي يعزوها المعهد الوطني للبحث في الصيد البحري في جانب كبير منها ، للتغيرات المناخية كظاهرة كونية ، وتراجع حرارة مياه البحر. دون إغفال السلوك الإنساني. فيما أصبحت مراكب السردين، تجد صعوبات جمة في تحقيق الكوطا السنوية كما وقع في السنة الفارطة.
وكانت وزارة الصيد قد إعتمدت مند سنوات مخططات تهيئة تعتمد نظام الحصص، يقول مهتمون بالشأن البحري، أنها جنبت المصيد حدوث الأسوء، حيث بادرت الوزارة الوصية وبشكل إستباقي ضمن المخطط القطاعي أليوتيس، إلى إتخاذ مجموعة من التدابير، المرتبطة بإعتماد الزونينك حتى وإن كان بشكل موسع، وفرض الصناديق البلاستيكية، وكذا إقرار كوطا سنوية للمراكب بالمصيديتين الأطلسيتين الجنوبية والأطلسية، مع تحديد بعض المحميات خصوصا على مستوى سواحل طانطان، قبل ان تعود الوزارة من جديد لتعيد النظر في الزونيينك لحصر تحرك المراكب في إمتداد ساحلي أقل ، عبر تقسيم المصيدات التقليدية إلى مجموعة من المصايد الجديدة سواء بالشمال أو الوسط ، وإعتماد راحة بيولوجية على مستوى مصيدة الثناوب ، مع مراجعة الحصص السنوية بهذه المصيدة، بشكل يحمل في طياته نوعا من التقشف ، لتخفيف الجهد .
ويتطلع الفاعلون المهنيون لإستعادة الزمن الجميل على مستوى مصيدة السردين، بإعتباره السمك الأكثر شعبية في المغرب، على مستوى الحضور في موائد الإستهلاك ، وكذا الضامن الأساسي لتحريك عجلة الصناعة المرتبطة بتصبير المنتوجات البحرية وكذا التجميد. فيما تسود مخاوف قوية في الأوساط المهنية من مواصلة هذا الغياب الملغوم للسردين عن المصايد، تزامنا مع إقتراب الشهر الفضيل الذي يكثر معه الطلب على هذا النوع من السمك الذي يجتمع عليه الأغنياء والفقراء .
ومع بروز بعض الكميات أو ما يعرف بالرشم خصوصا بالداخلة، حيث عادت مراكب السردين بكميات على محدوديتها من السردين، غير انها فتحت باب التفاؤل في الوسط المهني، لعودة الدفئ للمصيدة، التي لم تعد بذاك السخاء الذي ظل يطبعها مند عقود، فيما يبقى الوسط المهني مطالبا اليوم بحسن تدبير المصيدة بناء على تجديد الوعي، بكون مصيدة السردين شبيه بباقي المصايد ، تطورها مرتبط بالسلوك من حيث إحترام الصغار ، وتفادي الإرجاع عند الصيد، وأخذ المبادرة في إشاعة ثقافة المحافظة على المصايد.