الصيد التقليدي، خربشات متقاطعة في سياق فهم مآل الثروة السمكية!

0
Jorgesys Html test

    الطالبي : شكون الجهات لورطات أخنوش في الصناديق العازلة للحرارة لما عازلة والو؟اذا كانت ثروتنا السمكية تعد واحدة من أهم الثروات الطبيعية المتجددة، ومصدراً اقتصادياً واجتماعيا هامين للكثير من الدول التي تحرص على حمايتها وتطويرها باستخدام الوسائل التقنية والبحوث العلمية  بكل دقة ومصداقية،  فإنها  عندنا بالداخلة يشهد هذا القطاع العشوائية بالكثير من مناطق الصيد وتتعرض شواطئها للنهب الممنهج والصيد العشوائي والجائر الذي قضى على أنواع كثيرة من الأسماك والأعشاب المغذية للكائنات البحرية وبصفة خاصة من طرف كل من مراكب الصيد الساحلي بالجر وسفن الجر التي اصبحت تسمى الصيد الصناعي فضلا عن بعض المحسوبين على الصيد التقليدي.

  ونظرا لجودة منتوج الاخطبوط بسواحل جهة الداخلة وادي الذهب المصطاد من طرف قوارب الصيد التقليدي عكس الاخطبوط المصطاد من طرف مراكب الصيد الساحلي بالجر وسفن الصيد في أعالي البحار، أوكما يقال ويل لمن أشارت إليه الأصابع ولو بالخير، فالذي تجهله الأغلبية الساحقة من مهنيي الصيد البحري،أن المنافس الشرس لأعالي البحار والصيد الساحلي في الأسواق الأوروبية واليابانية هو الصيد التقليدي بواسطة الوحدات المتخصصة في تجميد وتصدير الاخطبوط لكون منتوج الصيد من الاخطبوط يمتاز بجودة عالية.

واليوم وأكثر من أي وقت مضى تشن عليه حملات مسعورة ولاسيما بجهة الداخلة وادي الذهب لعدة أسباب، وبإيعاز من الإدارة كما يشعر الجميع بذلك، فقطاع الصيد البحري برمته لن يستقيم مادام الإدارة  تمسك القطاع بيد من حديد بمؤازرة من بعض بطانتها المحسوبين على مهنة الصيد البحري، الذين اعتادوا على السباحة في المياه العكرة.

فمنذ الانطلاقة المتعثرة للموسم الحالي لصيد الاخطبوط، بتاريخ 1/6/2016 راج الهرج والمرج في حق قطاع الصيد التقليدي بالداخلة من هذا وذاك، ووجهت له عدة اتهامات من قبيل التهريب،محملين قطاع الصيد التقليدي مسؤولية تقليص منتوج الاخطبوط  بتهمة انه الفاعل الرسمي في نشاط الصيد السري وهلم جرا، وهذا كله بمباركة ودعم من مسؤولين وازنين ذاخل الإدارة هؤلاء الذين يرسمون توجهات أعداء الصيد التقليدي في الخفاء، وإشعال الفتن ما ظهر منها وما بطن بين المهنيين وتحريض فئة ضد فئة اخرى……

إن التهريب فعلا بجهة وادي الذهب على أشده ولا ينكره إلا جاحد،  وبعلم الإدارة الترابية وسلطات المراقبة، لكن في حقيقة الأمر ليس لملاك القوارب القانونية يد في ذلك.  وهنا لا أبالغ إذا قلت أن عدد القوارب غير القانونية الخشبية والمطاطية يتجاوز عددها اكثر من 700 وحدة،  وتمارس نشاطها داخل المياه أمام أنظار البحرية الملكية وسلطات المراقبة فضلا عن الإطارات الهوائية”شمبرير”، التي يتجاوز عددها  900 إطار بالداخلة، ويتم استقبال منتوجاتها وتمر عبر الحواجز البرية وتتم تسوية وضعيتها من طرف المؤسسات المتداخلة في القطاع ، يعني نقل الاخطبوط عبر الشاحنات بوثائق اسماك أخرى.

 وكما هو معلوم فإن الصيد التقليدي النظامي خصصت له خلال هذا الموسم  3000 طن،فهل تجاوز قطاع الصيد التقليدي حصته السالفة الذكر، إذا كان الجواب بنعم يمكن اتهامه بالتهريب، فكيف له ان يتم تصدير ما فوق حصة 3000 طن؟ لكن اذا كان العكس صحيح، فالصيد التقليدي لم يتجاوز حصته بالكامل، علاوة على ان الصيد التقليدي مراقب يوميا وان ملاك القوارب متحكمين في حصتهم في الصيف، مثلا الصيد التقليدي لا يتجاوز شهر كمدة عمل ، وفي موسم الخريف شهرين على الأكثر، مع تتبع الحصة من طرف مصالح الوزارة الوصية بواسطة العمل بالنظام المعلوماتي.عكس الصيد في أعالي البحار الذي يعمل منذ انطلاقة الموسم الى غاية نهايته (الصيف 3 اشهر) والخريف 4 اشهر)،فمن يدمر البيئة البحرية عن طرق الجر ويواصل العمل بالليل كما بالنهار… وقضى على أنواع كثيرة من الأسماك والشعب البحرية المغذية للكائنات البحرية، بسبب الاستغلال الفاحش.

  ان القرارات التي تسعى الإدارة لتمريرها تندرج في خانة المتناقضات، تارة يطالبون بالعمل بتحديد حصة لكل نقطة إفراغ،أو منح حصة فردية لوحدات الصناعية بدل من قوارب الصيد التقليدي او البحث عن طريق لتعويض قوارب الصيد التقليدي للانسحاب من القطاع بصفة نهائية،أو احداث نقطة للمراقبة  بواد لكراع لمنع دخول وخروج الاخطبوط الطري للداخلة وتارة اخرى منع “غراف”صيد الاخطبوط.

التساؤل الذي يطرح نفسه هل فكرة منع وخروج الاخطبوط الطري من والى الداخلة سينطبق على الاسماك السطحية التي لا تخضع  في الاصل للمراقبة؟ فهل هذا القرار سيشمل كل المنتوجات البحرية ام الاخطبوط دون غيره؟  اذا كان هذا الاجراء سينطبق على جميع المنتوجات البحرية نحن سنصفق له ،أما اذا كان الغرض من  ورائه استهداف الاخطبوط وحده فهذا الامر مرفوض جملة وتفصيلا من طرف مهنيي هذا النوع من الصيد.

إن  الجميع اليوم يجمع على أن شواطئ الجهة التي كانت الى وقت قريب غنية بجميع اصناف الاسماك والكائنات الحية،أصبحت  مقبلة على نفاد مخزونها البحري بفعل مجهود الصيد والصيد الجائر الذي تشهده المنطقة امام اعين الداني والقاصي، ونؤكد انه لو استمر الوضع على هذه الوتيرة ستزول الاسماك السطحية التي تعد السلسلة الغذائية لباقي الاصناف السمكية ، لان هذا الاستنزاف المتواصل لهذه الثـروة، لن يتم تعويضه بسهولة.

فقد أصبحت وضعية قطاع الصيد البحري بالداخلة توصف بالخطيرة جدا، لأسباب عديدة تتعلق أساسا بغياب نظام صيد يحدد أوقات الاستغلال، فقد بدأت بمراحل التراجع الرهيب لجميع اصناف السمك، وهي مرحلة الاستنزاف الأكبر للثـروة السمكية وتجب الإشارة إلى أن القطاع مر بأسوأ مرحلة في تاريخه وهي مرحلة الاستغلال المفرط للثـروة السمكية.  والسبب الحقيقي وراء هذه المشكلة هو الجشع وغياب الوعي ”لأن انفلات الوضع سمح للعديد من الدخلاء باكتساب بواخر صيد، واستطاعوا من خلال أموالهم الحصول على حصص كبيرة من السمك السطحي منحتها الوزارة لهم في اطار خدام الدولة، واقتنوا سفن الصيد المدمرة التي تم منعها في البلدان الواعية بخطورة هاته السفن ، وهذا الصنف من المستثمرين لا تربطهم أي علاقة بالبحر.

إن الكثير من المهتمين ارجعوا مشاكل القطاع الى غياب تام لرؤية إستراتيجية واضحة المعالم مبنية على أسس سياسة وطنية مرتكزة على تغليب المصلحة العامة و المحافظة على الثروة، وهو ما ذهب له اللقاء الاخير بطنجة المغربي الاسباني الأوروبي للمنظمات المهنية للصيد البحري،الذي دعى خلاله الخبراء الاسبان  بايجاد حل للصيد بالجر معتبرين ان أي حل لهذه المعضلة الخطيرة بإسبانيا لا يمكن ان يتحقق على أرض الواقع الا اذا طبق بالجارة المملكة المغربية حيث قدموا عدة اقتراحات من قبيل الصيد بالجر  .

ويبقى من أبرز هذه المقترحات منح تعويض من طرف الدولة لارباب مراكب الجر لانسحاب بصفة نهائة من القطاع، نظرا لخطورته على المخزون البحري في ظل الإستنزاف الذي تتعرض له شواطئ البحر الأبيض المتوسط، وفي حالة تعذر هذا الحل فإن الحل الانسب في نظرهم هو ان لا يستمر الصيد بالجر أكثر من ثلاث ساعات متواصلة في اليوم، أو إبعادهم من الشواطئ  والصيد على عمق  400 متر.

اما وزارة الصيد  بالمغرب فقد سقطت ضحية الاستسلام للوبيات نافذة بالقطاع، مما أصبح يطرح معه أكثر من سؤال عن حياد    واستقلالية الوزارة التي لم تجني المنطقة من قراراتها و مخططاتها غير استنزاف الثروة ،و العشوائية و التخبط في مشاكل لا حصر لها بسبب سياسة المحاباة و المحسوبية و الزبونية..

وإذا عدنا للوراء شيئا ما لنشير  الى ان المخطط الحكومي لسنة 2004 القاضي بإعادة هيكلة مصايد الأخطبوط جاء بناء على توصيات المعهد الوطني في البحث في الصيد البحري، الذي دق ناقوس الخطر منذرا بتدهور مخزون الأخطبوط و إشرافه على الانقراض؛ فهنيئا لطاقمه السابق وعلى رأسهم  المرحوم اد الحاج عبد الواحد الذي انقذ جهتنا من الخطر من خلال توجيهاته ونصائحه.

 وبذلك أعـدت الوزارة المخطط المذكور في عهد المرحوم التيجاني ، وظهر إلى الوجود دون أن يكون لمهنيي القطاع التقليدي بالداخلة فيه أية مشاورة أو رأي أو إطلاع، غير أن  الجميع رحب به ،وتم تطبيقه بالداخلة باعتباره الحل الوحيد والاساسي لانقاذ مخزون الاخطبوط من الاندثار، وأنه سوف يأتي بالخير العميم على القطاع برمته و يعمل على تخفيف الضغط على مخزون الأخطبوط وعلى تنظيم الصيد البحري و محاربة التهريب و الصيد السري …الخ.

وتجدر الاشارة ان تطبيقه كلف تضحيات جسام حيث قلص عدد القوارب من أكثر من 11000 قارب ( ما بين قانوني وغير قانوني) إلى ما يناهز 3083 قارب. كما هو الشأن لعدد نقط الصيد من أربعة عشر (14) نقطة إلى أربعة (4) نقط.

وتحمل تعويض أرباب القوارب المقصية من مبيعات محاصيل  الأخطبوط،و ساهم فيه قطاع أعالي البحار و الساحلي حيث بلغت قيمة التعويض  ما يناهز سبعة عشر 17 مليار سنتيم.غير أنه في السنوات الآخيرة عادت الاوضاع إلى أسوء ما كانت عليه قبل سنة 2004  بسبب الفساد و المحسوبية و تظاهر الوزارة بالعجز.

و هكذا يعيش  القطاع اليوم أسوء الأوضاع، حيث إرتفع عدد القوارب ، و كاد يبلغ نفس عدده الأول. واستفحلت سرقة محاصيل الصيادين داخل الأسواق تحت نظر و سمع السلطات. واستفحل الصيد السري و التهريب. و حتى الصيد في الأماكن الممنوعة  بالقوارب المطاطية “زودياك” والقوارب الخشبية غير القانونية و الإطارات الهوائية  المستعملة قبل سنة 2004. وصارت الادارات المعنية شريكا في كل هذا بتسليمها وثائق غير صحيحة لبعض المحظوظين من ممارسي الصيد السري و التهريب… لتبييض الأخطبوط و أصنافا من الاسماك الآتية من الصيد خارج إطار القانون. وما خفي كان اعظم .

  فبعد مضي  أكثر من 11 سنة  على العمل بمخطط 2004 نعلم أن السيد وزير الصيد البحري كلف أحد الفرنسيين لإنجاز دراسة حول مشاكل الصيد البحري و أسباب تدهور المخزون (و خصوصا مخزون الأخطبوط) وهي دراسة من أربع صفحات بالألوان أطلق عليها اسم “تقوية مصايد الأخطبوط”، كلفت الوزارة ثلاثة ملايين درهم؛ علما أن من بين الأطر المغربية من يقوم بأحسن من هذه الدراسة و ربما حتى بالمجان؛ على شاكلة مخطط 2004 الذي أعده اطر وزارة الصيد البحري.

وكان الباحث  الأجنبي قد إجتمع مع المهنيين المتخصصين في صيد الأخطبوط بقطاعي الصيد في أعالي البحار و الصيد الساحلي مقصيا قطاع الصيد التقليدي. كما دعت الوزارة ممثلي قطاعات الصيد البحري الثلاثة لعقد اجتماع مع هذا الباحث  لمناقشة التقرير الذي أعده في الموضوع و تكوين أربع (4) لجان لتسيير ورشات عمل ! لكن يبقى السؤال المطروح هو كيف لقطاع الصيد التقليدي أن يشارك في هذا الاجتماع وهذه اللجان و هو لم يشارك في إعداد الدراسة المزعومة و لم يؤخذ برأيه و مشاكله ؟  و كيف له أن يناقش ما يجهله ؟ألم يكن من المجدي أن تناقش  الوزارة سلبيات مخطط 2004 و أسباب فشله ؟

إن الثروة السمكية في تواجه خطرا كبيرا بسبب الصيد الجائر، وأن العديد من السفن  تستخدم وسائل محرمة عالميا  خلال عملية الصيد، الأمر الذي يعرض الثروة السمكية إلى الإبادة من ناحية الكمية والنوعية”، مما أدى إلى شبه انقراض أنواع عديدة من الأسماك في المنطقة.

ان المهنيين بجهة وادي الذهب الكويرة الحاضنة للمخزون تطالب اليوم بالتحكيم الملكي لمعالجة هذه الأوضاع المزرية، مع إحداث قضاء خاص على غرار المحاكم التجارية و المحاكم الإدارية و محاكم الأسرة؛ و قضاة متخصصين و ملمين بقانون الصيد البحري، لأن القضاء العادي بالمغرب غير مؤهل للبث في قضايا الصيد البحري.

كما تطالب الهيئات المهنية بإلغاء مذكرة الوزير الأول المرحوم المعطي بوعبيد لسنة 2003 التي فوض بموجبها تسيير شؤون الصيد البحري للبحرية الملكية لكون الظروف التي دعت لاتخاذ هذه المذكرة لم تعد قائمة و لأن البحرية الملكية ألغت مقتضيات ظهير 1973 المنظم للصيد البحري في جنوب البلاد …

رآي كتبه للبحرنيوز مولاي حسن الطالبي عضو الغرفة الأطلسية الجنوبية ورئيس جمعية أرباب قوارب الصيد التقليدي بجهة واد الذهب

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا