قبل إستهلال الشهر الفضيل غلاء الأسماك يضع “الوسيط” في قفص الإتهام

0
Jorgesys Html test

ما أن يحل شهر رمضان الأبرك حتى تتعالى الأصوات  بغلاء المنتوجات السمكية ، وتستمر الألسنة في ترديد اللازمة المعروفة “عندنا جوج بحورة وناكلوا الحوث غالي”،  في إشارة لعدم توازي أثمنة السمك مع العرض الذي يوفره الإمتداد البحري للمغرب ، خصوصا أن أثمنة الأسماك  عند الإستهلاك ترتفع بشكل صاروخي سيما في الأيام الأولى من الشهر الفضيل.

ولن يختلف إثنان على أن الأسماك عند الإستهلاك ترتفع بشكل صاروخي، حتى أن من المنتجات البحرية أصناف طمست هويتها لذى المستهلك المغربي، بعد أن أصبح لا يعرف عنها إلا  الإسم فقط، بعد إمتناع التجار عن تسويقها محليا، لكون أثمنتها تفوق بكثير القدرة الشرائية للمواطن البسيط، فيما ظل المغاربة يتدكرون اسماكا أخرى، كانت وإلى عهد قريب تؤتت المائدة الشمالية ، وهي كلها معطيات جعلت الكثيرين يتساءلون لماذا ترتفع أثمنة الأسماك بالمغرب ، خصوصا أن وزارة الصيد  تراهن على رفع معدل الإستهلاك، الذي ظل يتأرجح بين 10 إلى 12 كلغ للفرد الواحد، متخلفا وبشكل كبير عن الرقم العالمي، ومن يتحمل المسؤولية في إرتفاع الأثمنة، واي دور للمراقبة في صيانة القدرة الشرائية للمواطن في تعاطية مع الموارد السمكية.

وللوصول لإجابات وتفسيرات للغلاء الذي يتحدث عنه المغاربة، إخترنا الإنطلاق من سمك السردين بإعتباره أحد الأحياء البحرية التي تحضى بإهتمام خاص لدى المغاربة، بمختلف شرائحهم المجتمعية والطبقية ، وهو معطى إنتبهت إليه وإلى حد بعيد  الوزارة الوصية، لتجعل أثمنة هذا النوع من الأسماك  حسب عبد الرحيم الهبزة الفاعل الإقتصادي في قطاع الصيد البحري ، متحكم فيها، بعد تقنين عملية البيع الأول وحصرها في أثمنة بعينها، تكاد تكون موحدة بين الموانئ الوسطى وغريمتها الجنوبية، بإعتبارها تضم مصايدا تعتبر شرايين إنتاج الأسماك السطحية بالمغرب، حيت تضمن الأثمنة نوعا من الإستقرار بعيدا عن سؤال العرض والطلب عند البيع الأول.

عبد الرحيم الهبزة فاعل إقتصادي في الصيد البحري

وأوضح الهبزة الذي يعد من أكبر المستثمرين في قطاع الصيد البحري سيما في شقه المتعلق بالأسماك السطحية، أن الوزارة وبتعاون مع المكتب الوطني للصيد البحري ، جعلت لأسماك السردين أثمنة مرجعية، تم تحديدها بميناء الداخلة في درهمان ونصف، فيما تصل ل 2.65 درهما بالعيون، و2.80 درهما بميناء طانطان ، مبرزا في ذات السياق أن الأسماك تصل إلى أسواق الجملة بالرباط أو الدرار البيضاء أو مراكش،  بأثمنة تتراوح بين 5.20 ذرهما و6.20 ذرهما ، حسب مصاريف الإنتاج من مكوس وثلج ونقل ..فيما عبرا المصدر ذاته عن إستغرابه في ذات السياق للأثمنة الخيالية، التي تسوق بها هذه الأسماك عند الإستهلاك والتي تتجاوز في بعض الأحيان 30 درهما .

وحمل الفاعل الإقتصادي في مجموعة من المجالات المتعلقة بالصید البحري، والنقل، والتجمید واستغلال المنتوجات البحریة، المسؤولية للقائمين على الشأن المحلي، في عدم إقامة أسواق بلدية قصد التحكم في تسويق الأسماك للمستهلك، بما يضمن ايضا مراقبة النقط التجارية، خصوصا أن سلسلة البيع بعد خروج الأسماك من سوق الجملة ، هي تعرف إرتفاعا كبيرا في عدد الوسطاء، ما يجعل عملية البيع غير متحكم فيها،  حتى أن التاجر في هذه السلسلة تحكمه المزاجية في تحديد سقف الربح على هواه.  وهو الأمر الذي يتسبب في مضاعفة أثمنة البيع بشكل مهول .

وتبقى الحاجة لتنظيم عملية البيع عند الإستهلاك، ومراقبتها بشكل صارم يؤكد الهبزة، مطلبا ملحا يجب التعاطي معه بشكل أو بآخر، لضمان مسايرة المجهودات الكبيرة التي راكمتها إدارة الصيد البحري في تنظيم البيع بالجملة. هذا الآخير  الذي يحكمه قانون مؤطر تحت رقم 08-14، وهو قانون تمت مواكبته  بإنجاز مجموعة من الأسواق المتعلقة بالبيع الثاني،  لضمان توزيع عادل للأسماك، وكذا وصولها لمختلف ساكنة المغرب، وبأثمنة تستجيب لقدرتها الشرائية.

ويرى خبراء الإقتصاد البحري، أن هناك  فراغ تشريعي و قانوني في سلسلة الإنتاج ، من مخلفاته  الريع كنتيجة حتمية لإتساع هوامش الربح وتعدد المتدخلين والوسطاء ،  و هذا من بين الإشكالات الكثيرة في قطاع الصيد البحري،  بحيث أن السردين يخرج من الميناء بثلاثة دراهم ، و يباع ب 15 درهما فما فوق عند وصوله للمستهلك،  لكون المهنة غير مضبوطة قانونيا، بشكل تنظيمي محكم في مختلف مراحل الإنتاج، ما يساهم في ارتفاع  هامش الربح  بسبب تعدد الوسطاء والمضاربات، قبل وصول المنتوج السمكي للمستهلك، وهي معطيات تصعب من مأمورية إقتناء الآخير لحاجياته من الأسماك.

محمد الناجي متخصص في الإقتصاد البحري

وكان محمد الناجي  الأستاد الباحث بمعهد الحسن الثاني للزراعة البيطرة، شعبة الصيد البحري والأحياء المائية، قد أكد في وقت سابق للبحرنيوز، أن الاشتغال على مثل هذه المواضيع في منظمات عالمية،  يتم التمييز فيها بين ما يسمى بالوفرة الاستهلاكية والوفرة المادية،  حيث أن السمك في النقطة الأولى يجب أن يصل للمستهلك  عبر شبكة لوجستيكية متسلسلة، كالتبريد والتجهيزات التجارية وأسواق الجملة، بالإضافة إلى محلات تجارية وأسواق بلدية وغيرها من البنيات التي تضمن إيصال السمك للمواطن . وهو ورش  أول يتطلب الاشتغال عليه بشكل قاعدي . فعدد من المدن لا تتوفر على أسواق بلدية مخصصة للسمك، تراعي شروط الصحة والسلامة . فهناك أسواق للجملة موجودة بعدد من المدن ،  لكن مابعد مرحلة  البيع داخل هذه الأسواق تباع المنتوجات البحرية، في أسواق غير مهيكلة أو في محلات غير مؤهلة، وبعيدا عن التتبع والمراقبة، ما يؤتر بشكل سلبي على العرض وكذا الأثمنة المحكومة، بقانون العرض والطلب عند الإستهلاك.

وزاد الخبير في إقتصاد البحر والمستشار لدى عدة هيئات وطنية ودولية من بينها الفاو، أن الورش الثاني المرتبط بالوفرة الاقتصادية  والمقصود بها تمكين المواطن من القدرة على إقتناء الأسماك،  عبر تحسين دخله ، بحيث القدرة الشرائية مرتبطة بالدخل من خلال تحسين الوضعية الاقتصادية للمملكة،  لكن هذا ورش يبقى كبير ،  في المقابل يجب تكييف أثمنه الأسماك مع دخل المواطن العادي ، إنطلاقا من الاشتغال على مجموعة من القضايا ذات البعد التنظيمي، خصوصا الجانب التشريعي.  إذ هناك قانون خاص ينظم تجارة السمك بالجملة،  لكنه يقف عند هذه الأسواق، ولا يصاحب السمك  في وصوله إلى المستهلك، ما يفرض تضافر جهود مختلف الفاعلين لتدارك الفراغ الحاصل في مراحل البيع التي تلي البيع بالجملة.

أمحند بومليك رئيس جمعية البديل لمهنيي قطاع الصيد البحري لأكادير والجنوب

وفي موضوع متصل نوه محند بومليك رئيس جمعية البديل لمهنيي قطاع الصيد البحري لأكادير والجنوب، بالأدوار الطلائعية التي راكمتها إدارة الصيد البحري في تنظيم البيع بالجملة، وتحسين ظروف العرض وتعزيزها بأسواق من الجيل الجديد، بعدد من المدن المغربية، خصوصا أسواق البيع الثاني والتي كان آخرها سوق الجملة بتامسنا بالرباط ، حيث هناك حديث عن إنجاز عشرة أسواق جديدة. وهي أوراش ستساهم في ضمان وصول السمك لمختلف مناطق المغرب، وفي ظروف تراعي الجودة والسلامة  ، وبأثمنة تستجيب لتطلعات المهنين من جهة، وتوازي طموحات المستهلك ، بشكل يضمن إنسيابية البيع وجودة الإنتاج .

وأضاف رئيس الجمعية المهنية، أنه بالرغم من غلاء تكلفة الإنتاج، نتيجة إبتعاد المصايد وتوالي الظروف المناخية السيئة التي أصبحت تميز المواسم الآخيرة، خصوصا هذا الموسم، إلا أن الأثمنة في شقها المتعلق بالسردين، ظلت محافظة على إستقرارها ، خصوصا بعد أن أصبحت مختلف المصايد الوسطى والجنوبية، يحكمها مبدأ الكوطا في المصطادات ، حيث حددت الوزارة سقفا من المصطادات بهذه الموانئ، بهذف التحكم في الإنتاج، نظرا لتناقص الكتلة الحية. غير أن الأثمنة ظلت على حالها، لضمان وصول أسماك السردين للمستهلك، بأثمنة تتناسب مع جيوب المغاربة وتطلعاتهم .

ويطالب المراقبون بتوفير نماذج من الحكامة المحلية و سلك مقاربات جديدة، من خلال شراكة حقيقية  بين القطاع الخاص والعام، مع ضمان تدخل مختلف السلطات، وكدا جمعيات حماية المستهلك ، لخلق صيغة للعمل تساهم في تظافر الجهود مابين الوزارة الوصية ومعها وزارة الداخلية وكذا وزارة الشؤون العامة والحكامة، إلى جانب مختلف المتدخلين المحليين والإقليمين، لإعادة إحياء نقط البيع والتوزيع التي كانت قد سبقت تاريخها في وقت سابق، لكنها إختفت بشكل يطرح العديد من علامات الإستفهام. هذا مع الدعوة إلى خص تجارة السمك بإهتمام خاص ضمن النسيج الإنمائي المحلي، لإنجاز أسواق للبيع على المستوى المحلي تساعد على إختصار سلسلة الإنتاج بين بالبيع الأول تم البيع الثاني وصولا للأسواق النمودجية المحلية ومنها للمستهلك.

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا