وافقت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة على نص أول معاهدة للتنوع البيولوجي لحماية أعالي البحار في أعقاب اجتماع استمر 40 ساعة، وتهدف المعاهدة من بين أمور أخرى لجعل 30 بالمئة على الأقل من محيطات العالم مناطق محمية مستقبلاً.
وتوصلت الدول الأعضاء في الأمم المتحدة إلى اتفاق ليلة السبت/ الأحد (الرابع/ الخامس من مارس 2023) بعد سنوات من المفاوضات لحماية أعالي البحار التي تمثل كنزا هشا وحيويا يغطي ما يقرب من نصف الكوكب. وكانت الدول الأعضاء قد سعت بصعوبة الى تجاوز انقساماتها وإبرام معاهدة طال انتظارها لحماية أعالي البحار.
وبعد أكثر من 15 عاماً من المحادثات غير الرسمية ثمّ الرسمية، عقد المفاوضون السبت جلسة مغلقة للتركيز على المسألة السياسية الحساسة المتعلقة بتوزيع عائدات الموارد الجينية التي يتم جمعها في أعالي البحار. ووسط هتافات الوفود أعلنت رئيسة المؤتمر رينا لي في مقر الأمم المتحدة بنيويورك أن « السفينة وصلت إلى الشاطئ (..) لا تزال لدينا بضع قضايا ينبغي الانتهاء منها، لكن يتم إحراز تقدم فيها والوفود تبدي مرونة ».
وبالإضافة إلى جعل على الأقل 30 بالمائة من بحار العالم مناطق محمية، سيتم وضع إجراءات للتحقق من المشاريع الاقتصادية والبعثات والأنشطة الأخرى في البحار للتأكد من توافقها مع البيئة. وتهدف الاتفاقية أيضاً إلى وضع التنوع البيولوجي في أعالي البحار تحت الحماية الدولية الملزمة. وينتمي ثلثا محيطات العالم إلى أعالي البحار، وبالتالي فهي منطقة ينعدم فيها القانون إلى حد كبير. وكان يجري التفاوض بشأن اتفاق لحماية أعالي البحار لمدة 15 عاما.
وكانت هناك عدة جولات من المفاوضات منذ عام 2018 وفي غشت الماضي، انتهى مؤتمر آخر في نيويورك دون نتيجة بعد أن استمر لأسبوعين. وقبل فترة قصيرة من التقدم الكبير الذي أحرز يوم السبت في نيويورك، تعهد المشاركون في مؤتمر دولي حول حماية المحيطات في بنما، بما في ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، بحوالي 20 مليار دولار لهذه القضية. وتعهدت حكومة الولايات المتحدة وحدها بحوالي 6 مليارات دولار من أجل تنفيذ 77 مشروعاً.
وتبدأ منطقة أعالي البحار من النقطة التي تنتهي فيها المناطق الاقتصادية الخالصة للدول، على بعد 200 ميل بحري (370 كيلومتراً) كحدّ أقصى عن الساحل. وهي لا تخضع لأي ولاية قضائية وطنية من الدول. وفيما تمثّل أعالي البحار أكثر من 60 بالمائة من محيطات العالم وحوالى نصف مساحة سطح الكوكب، لم تستقطب الاهتمام ذاته مثل المياه الساحلية وعدد من الأنواع التي لها دلالات كبيرة. ويحظى حوالى واحد بالمئة فقط من أعالي البحار بالحماية.
وتنتج النظم البيئية للمحيطات نصف الأوكسجين الذي نتنفسه وتحد من الاحترار المناخي عبر تخزين جزء كبير من ثاني أكسيد الكربون المنبعث من الأنشطة الصناعية. غير أن الخدمات التي توفّرها تلك النظم للبشرية باتت عرضة للخطر نتيجة الاحترار وتحمّض المياه والتلوّث على أنواعه والصيد الجائر.
وبالنسبة لكثيرين فإن مصير أي اتفاقية يتوقف على تحقيق الانصاف بين الشمال الغني والجنوب الفقير. وتبقى الأبحاث المنفّذة في أعالي البحار والمكلفة جدًّا حكرًا على البلدان الأكثر ثراءً راهنًا، غير أن البلدان النامية لا تريد بدورها أن تفوّت عليها الإيرادات التي قد تدرّها الموارد البحرية التي ليست ملكًا لأحد