قرار وزارة الصيد البحري بخصوص “السرادنية” ، لمصلحة من؟

0
Jorgesys Html test

IMG_8260تستعد هذه الأيام وزارة الصيد البحري الى إطلاق مشروع قانون مسموم يروم إستهداف قوارب الصيد الساحلي، والتي يبدو أنها بدأت تزعج مقام باباوات القوارب المتوحشة المنتمية لصنف “RSW”.
القانون الجديد شكلا والخطير مضمونا يهدف حسب وزارة السيد اخنوش الى تحديد كوطة محدودة في 2000 طن في السنة ل 75 قاربا من قوارب الصيد الساحلي بالداخلة والتي تسمى محليا “بالشالوتي”. وهو أمر يحمل في طياته تهديدا واضحا لأزيد من 2000 بحار يعملون داخل هذه البواخر. مع قطع أرزاق مجموعة كبيرة من أبناء المنطقة من ملاك “الكود مرايور” العاملين في تجارة السمك بميناء المدينة. يحدث ذلك في وقت تنعم فيه بواخر الجر “rsw” بإمتيازات ريعية وكوطات على المقاس تعادل الضعفين لما تملكه قوارب الصيد الساحلي.
فإذا ما نظرنا لتلك القوارب اي “قوارب السرادنية” فسنجدها لا تتعدى 75 قاربا تشتغل بكوطة مفتوحة. لا تتعدى الكمية المستغلة منها على الاكثر ما بين 2600 الى 3000 طن في السنة. ومن ثم فمجموع الكمية المصطادة من 75 قاربا “شالوتي” تناهز ما يستخرجه قاربين من قوارب “rsw” فقط. فأي صنف من الصنفين يستحق تحديد كميته المصطادة ؟
سؤال لا يمكننا إدراك إجابته ما لم نقف عند الصنفين وفوائدهم على المنطقة وساكنتها وكذا إلتزامهم بالقانون وضوابط الصيد المقنن. وبالتالي فإذا ما نظرنا بعين الإنصاف الى 75 قاربا “شالوتي” فسنجد أن كل قارب يشغل 30 بحارا من مجموع 2250 تشتغل داخل ال 75 قاربا الموجودة في الداخلة. إضافة لمجموعة كبيرة من أبناء المنطقة الحاملين “للكود مريور” والذين يتاجرون في “السمك السطحي” مع هذه القوارب. في وقت لا تشغل القوارب المدمرة من صنف rsw إلا قلة قليلة من اليد العاملة من أبناء المنطقة.
علاوة على ذلك فإن قوارب “السرادنية” تعد أكثر أنضباطا قانونيا من قوارب الجر. حيث أن الشاحنات التابعة لتلك القوارب تزن حمولتها فارغة عند ولوجها الميناء وتزنه ممتلئة عند خروجها منه مع تسلمها وثيقة قانونية من طرف السلطات المختصة في ذلك، في وقت تعمل الشاحنات التابعة لقوارب “rsw” على ضرب القانون من خلال التلاعب بوزن الشاحنة فارغة. ووضع تصريح إفتراضي لوزنها ممتلئة والمحدد في “15 طن للشاحنات الصغيرة و25 طن للشاحنات الكبيرة”. دون أن تتقيد هذه الحمولة بأي تدقيق او معاينة. وقد لاحظت شخصيا في أحد المرات إحدى الشاحنات الخارجة من ميناء الداخلة نحو معمل للتصبير وأثناء تعليب حمولتها وتوجيهها للتصدير. أنتجت حمولتها أزيد من 34 طنا من الأسماك بزيادة تفوق 9 اطنان عن الحمولة الإفتراضية المصرح بها من طرف سلطات الميناء.
ليس هذا مجتمعا هو الفارق بين الصنفين بل يتعداه الى أنعكاسات عمل قوارب “السرادنية” على المدينة ورواج حركتها التجارية. فمنتوج تلك القوارب يتم تصبيره وتثمينه داخل الجهة دون أن يوجه لتجارة دقيق السمك. وهو ما يعطي رواجا للمعامل واليد العاملة بها القاطنة بالجهة. كما أن منتوج تلك القوارب تستغله بعض الأطراف المالكة “لكوطات” خاصة يكترونها لملاك قوارب الجر “rsw” في إنتهاك صارخ لدفتر تحملات الوزارة “الذي يلزم كل مالك “كوطة” بإستغلالها في معمله الخاص وليس كرائها لمستثمر آخر. وعليه فلا بد من الإشارة بإن الكمية التي يخصصها قانون الحصص الجديد تبقى غير كافية بتاتا لإنعاش الجهة ورواجها. لأن 150.000 طن موزعة على 75 باخرة تعادل فقط حصيلة ما يستخرجه قاربين من قوارب “rsw” في السنة الواحدة. مع العلم بأنها قوارب توجه 80 بالمائة من منتوجاتها نحو دقيق السمك. فهل من العدل زجر المفيد وترك تسيبات المضر ؟
إن المتتبع لمخططات وزارة الصيد البحري ليستغرب فعلا من حجم التحامل على هذه القوارب المفيدة إقتصاديا للجهة وساكنيها. بالموازاة مع التعاطف والدلال الذي تنعم به قوارب “rsw” المدمرة والتي عاينا في اكثر من مرة الكميات الضخمة من الأسماك التي تلقيها في عرض البحر بعد إمتلاء صهاريج بواخرها من الاسماك السطحية. ولعل ذلك ماهو معمول به بشكل شبه يوميا سرا وبعيدا عن عدسات المصورين. ومن ثم فإنه حري بوزارة الصيد البحري ان تقنن عمل هذه البواخر عبر تحديد كمية لا تتجاوز 200 طن عند كل رحلة صيد “ماريا”. وذلك للحفاظ على المنتوج وتثمينه بطريقة شرعية وقانونية.
وإجمال للحديث في هذا الموضوع الفسيح، فإننا كمنتخبين بغرفة الصيد الأطلسية الجنوبية وكأبناء للمنطقة نراقب بعين التفاؤل حجم الوعي الذي يعتري شباب المنطقة في ظل هذا الحراك المتصاعد ضد هذه البواخر المدمرة وأصحابها لمحاربة  الفساد الذي تترأسه بعض الاطراف المستثمرة في تلك البواخر “rsw”. والتي لا تحترم أي ضوابط أخلاقية او شرعية في عملية إستغلالها للثروات السمكية. حيث ظلت ولازالت تتعمد إقصاء معطلي الجهة وشبابها الباحث عن لقمة العيش من العمل مستندة في ذلك على يد عاملة وافدة من خارج حدود الجهة. كما انها لاتزال تضرب عمق النظام الإيكولوجي بالجهة عبر معامل “لكوانوا” أو دقيق السمك الغير مرغوب في تواجدها بمدينة الداخلة كما تخطط وزارة الصيد البحري ومدلليها على القيام به. كما أنه من المشين أن نجد بعض أبناء المنطقة من مخضرمي الإستثمار في القطاع لا يملك أي كوطة بينما يأتي اصحاب “الثلاجات” ليتمتعوا بكوطات على المقاس من تحت طاولات الفساد.
إن سياق المرحلة يفرض علينا التجند خلف خطاب جلالة الملك الاخير بالعيون الذي جاء كصمام إمان للمنطقة من الريع والفساد الذي ظل ينخر جسدها طيلة السنوات الماضية. مما يجعل وزارة الصيد البحري اليوم مطالبة بالتدخل العاجل لفض المشاكل المستقبلية التي ستضع المنطقة على كف عفريت. وذلك عبر إدماج ابناء المنطقة في القطاع وأمتصاص البطالة. وكذا تحديد كوطة عامة لقوارب “السرادنية” بالداخلة لا تقل عن 250 الف طن في السنة. في حين يجب على الوزارة فرض راحة بيولوجية على قوارب الجر “rsw” لمدة شهرين على الاقل في السنة. لتجد الثروة السمكية بالمنطقة  متنفسا في ظل تكالب الصيد الجائر عليها من اصحاب هذه القوارب المفترسة.

كتبها للبحرنيوز : يحفظو بن عبد العياشي.
عضو الغرفة الأطلسية الجنوبية بالداخلة ونائب كاتب المجلس

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا