حادثة الحسيمة: الظاهر والغابر في تقصي الحقيقة

2
Jorgesys Html test

حسن الطالبي الداخلة قد صمتنا طيلة أسبوع لم يصدر عنا أي تصريح او وجهة نظرأو ردود فعل بخصوص ما أصبح يعرف بقضية الحسيمة في ظل  ما تداولته بعض الصحف و المواقع الإجتماعية حول الحادث الذي راح ضحيته تاجر سمك محسن فكري ، حيت ظل الصمت يغنينا عن الإندفاع في أفق تجميع أكبر قدر ممكن من المعطيات وتكوين بعض القناعات التي لن تنتهي إلا بقول القضاء كلمته النهائية في هذا الملف، الذي أتار العديد من ردود الأفعال منها من إختارت صب الزيت على النار ، ومنها من ذهب في إتجاه التهدئة ومنها من رأى في المناسبة فرصة مواتية لتصفية حسابات مهنية او إدارية ، لذلك إخترت أن أشارك متتبعي الشان البحري ببعض التوضيحات التي بدا لي أن معرفتها ستشكل لا محالة أحد الأصول في فهم ما وقع إنطلاقا من إستعادة وقائع الحادثة وكدا محيطه .

 أول التوضيحات التي لن يختلف عنها إثنان أن المرحوم ارتكب مخالفة لا جدال حولها، حيث ضبطت بحوزته كمية من سمك “بوسيف” الممنوع اصطياده،خلال هذه الفترة التي تمتد من شهر اكتوبر  الى نهاية شهر نوفمير من كل السنة،حيث يتوقف الصيد فيها لإفساح المجال لتكاثر و توالد الأسماك من هذا الصنف. كما المرحوم اجتاز حاجز الأمن المنتصب بمدخل الميناء دون الانصياع لأوامر الشرطي الذي بلغ عنه حيث أوقفته إحدى دوريات الأمن وسط مدينة الحسيمة، خارج الميناء. ومعطى الصيد الغير قانوني أكده مهنيو الصيد الذين أفادو في تصريحات إعلامية متواترة اصطيادهم  هذا السمك خارج كافة الضوابط القانونية وبيعه  خارج الاسواق الرسمية.

 وبناء عليه يمكن القول أن رجال الأمن والسلطات قاموا بمهامهم كما ينبغي و بلغوا الجهات المسؤولة بالأمر، وخاصة النيابة العامة التي أصدرت الأمر إلى السيد المندوب الإقليمي لوزارة الصيد البحري عن طريق الأمن بتطبيق المسطرة القانونية. وقد حررت اللجنة المكونة من المندوب الإقليمي لوزارة الصيد البحري ورئيس مصلحة الصيد البحري والسلطة المحلية والأمن والطبيب البيطري محضر معاينة “بالقلم” على غرار محاضر الدرك الملكي، والذي يطبع من بعد. وهذا هو ما يجري به العمل تطبيقا لظهير 1973 المنظم للصيد البحري ببلادنا،  حتى أن أول من شرع  بتفعيل هذا الظهير هي النيابة العامة بجهة الداخلة وادي الذهب منذ سنة 2003.

  ومن المعلوم أنه في مثل هذه الحالات فإن النيابة العامة نعني به (النيابة العامة بالداخلة)، التي تشهد شبه يومي احالت العديد من المخالفين لقوانين الصيد البحري على العدالة، حيث تضع المخالف تحت تدابير الحراسة النظرية إلى حين الانتهاء من التحقيق معه حول ما نسب إليه وإحالة المخالف في حالة اعتقال على المحكمة  التي تقرر في شأنه ما يناسب مخالفته، عكس ما جرى بالحسيمة حيث أطلق سراح المخالف الذي فاجأ اللجنة أثناء قيامها بإتلاف المنتوج البحري فحدث ما لم يكن في الحسبان. و من الطبيعي أن يدافع الشخص عن ماله وعرضه.

  إن تهديد من يبني بطريقة عشوائية وبدون رخصة و البائع المتجول الذي يمارس مهنته بدون رخصة وخارج إطار القانون، ومضايقة المارة وقطع الطرق…الخ. بإحراق نفسه ليست حجة في إطلاق سراحه والسماح له باستئناف عمله هذا خارج الضوابط القانونية، وكذلك بالنسبة لكافة الذين يخرقون القانون ويهددون بالإنتحار أو إضرام النار في أجسادهم، بل الواجب يقتضي بأن يطبق القانون على كل مخالف، و إن هذا التساهل مع أمثال هؤلاء هو الذي أضر بهيبة الدولة وشجع بعض منعدمي الضمير على الإجرام والإعتداء على المواطنين الآمنين، والتطاول على رجال الدولة و القوات العمومية. فالأمن واحترام القانون والنزاهة في تطبيقه هو أساس قيام أي دولة وبدونهما يسود التسيب و الفوضى وانعدام الأمن.

  إن ما صدر من تصريحات لمهنيي الصيد التقليدي بالحسيمة المتكلمين في إستجوابات إعلامية ،  يبرز بما لا شك فيه أن السيد شرف رئيس مصلحة الصيد البحري بمندوبية وزارة الصيد البحري بالحسيمة يقوم بدوره أحسن قيام، وأنه حازم و متشدد في تطبيق القانون، وهكذا فالأمر يتعلق بتصفية حسابات بدون ادنى شك. فوجب على إدارته أن تشجعه وترقيه عوض أن تتخذه كبش فداء.  كما ان الصيادون المستجوبون عبر وسائل الإعلام صرحو أيضا  بأنهم يبيعون سمك بوسيف الممنوع اصطياده خلال الراحة البيولوجية، وهذا فعل جرمي منصوص عليه في المادة 6 و7 وعلى عقوبته في الفصلين 67 و 68 من قانون حرية الأسعار والمنافسة.

  وفي ما يخص دور الطبيب البيطري فإن المنتوج البحري المصطاد خارج إطار القانون مثله كمثل الذبيحة السرية، يعتبر فاسدا وغير صالح للاستهلاك و لا يمكنه الترخيص باستهلاك أطعمة لا أصل لها ومجهولة المصدر. لهذا تم تحرير محضر المعاينة والإتلاف بالقلم حوالي الساعة العاشرة ليلا يوم الجمعة 28 اكتوبر المنصرم،واعتبر تحرير هذا المحضر قبل تنفيذ مضمونه تزويرا وهو غير ذلك، بل خطأ بسبب أن المخالف كان في حالة سراح حال دون تنفيذه في وقته. حتى وإن كنا نختلف على توقيت إنجاز المحضر وكدا الطريقة المتبعة في إتلاف هذه السلع التي كان يجب إعادتها إلى مصدرها .

  وإن كنا نحاول التوضيح بقدر المعطيات المتوفرة حول النازلة التيجعلت  الجميع متخوف من تطبيق القانون، رجال القضاء كانوا أو مراقبي الصيد البحري أو السلطات والقوات العمومية. فإن مؤاخدتنا ستتجه صوب وزارة الصيد البحري بإعتبارها لم تصدر أولا  أي بيان لتوضيح هذه النازلة و الدفاع عن رجالها الأبرياء كما فعلت الإدارة العامة للأمن الوطني. كما ان قانون رقم 12/15 الخاص بالصيد الممنوع والغير مصرح به الذي أصدرته الوزارة  بقي حبرا على ورق بسبب عدم صدور نصوص تنظيمية بتنفيذه.

  وإذ نتأسف لوفاة المرحوم محسن فكري، و نواسي أهله كما واساهم صاحب الجلالة والمهابة وشملهم بعطفه ورعايته، غير أنه لا يمكنالقبول بأن تخفي هذه الحادثة حقيقة الأوضاع (كالشجرة التي تخفي الغابة) حيت المطالبة اليوم بكل إلحاح- ما دامت الفرقة الوطنية قد تدخلت في هذه القضية – أن تضع يدها على مختلف قنوات مرور هذا المنتوج الغير قانوني إنطلاق من عملية الصيد وصولا إلى آخر مرحلة في التسويق ،  بإعتبارها قنوات تعرض  حياة المواطنين الفقراء المعذورين للهلاك والعقوبات….

  وأنا أختم هذه المداخلة التي تبقى رآيا وفق قناعات معينة  في آخر المطاف، كان لا بد  من التعبير عن الإستغراب  من إعتبار  البعض ، موظفي وزارة الصيد البحري بالحسيمة كمجرمين في نظرهم  وهو توجه يجد تفسيره في الجهل بالقوانين والمراسم المنظمة  للصيد البحري بالمغرب، كما ان المطالبة باحالة الاسماك المحجوزة والمجهولة المصدر على الخيريات الاسلامية او بيعه وتحويل عملية البيع لفائدة خزينة الدولة، وقد سبق ان تم تطبيق مثل هاته الحالات بالداخلة، حيث ان مثل هاته العمليات فتحت الباب على مصراعيه لشرعنة الاسماك المصطادة خارج الضوابط القانونية وذلك قبل صدور قانون 12/15.المتعلق بالصيد غير القانوني.

رأي كتبه للبحرنيوز : مولاي حسن الطالي عضو الغرفة الأطلسية الجنوبية بالداخلة 

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

2 تعليق

  1. فعلا محكمة الداخلة هي أول من طبقت هدا الظهير الشريف نعم الأخ مولاي حسن الطالبي هدا جميل والكل مع سيادة القانون واحترام الراحة البيولوجية لثكاتر وتوالد السمك ومحكمة الداخلة هي أول محكمة في المغرب خرقت هدا القانون أيضا حيت حجزت لي أنا شخصيا 374 كيلوغرام من الأخطبوط على عكس واقعة الحسيمة بحيت حجزت هده الكمية قيمتها ما يقارب 23000 درهم داخل سوق السمك معروضة وموزونة للمزاد العلني في سوق السمك بقرية الصيد لاسركا بطريقة قانونية. أنا تفاجئت بهده التهمة حيت حرر محضر فيه حيازة أسماك معدة للاستهلاك كأنهم حجزوها في ساحة جامع الفنا مقطعة والحقيقة أن هده الكمية تعود لقاربين للصيد التقليدي مرقمين قانونيا الكمية مصرحة داخل سوق السمك باسم القاربين وحجزتها محكمة الداخلة ظلما وعدوانا تحت تهمة حيازة أسماك معدة للاستهلاك. أنا 23 عاما امارس الصيد البحري واحيانا تجارة السمك لم أسمع مثل هده التهمة .سألني الوكيل العام لمحكمة الأستئناف في الجلسة بالعيون قال لي هل موسم صيد الأخطبوط كان مسموحا في وقت الحجز بالطبع قلت له نعم كان 12 شهر 7 موسم الصيد الصيفي، وسئلني أيضا هل أتوفر على البطاقة المغناطيسة للمكتب الوطني للصيد، بالطبع نعم كل قارب قانوني يتوفر على هده البطاقة. وسألني أيضا هل حجزت لك هده الكمية خارج سوق السمك أو داخل السوق فأجبته بالطبع داخل سوق السمك لأن كمية السمك موزونة في 5صناديق للمكتب الوطني للصيد وعليها ورقة الوزن لكل صندوق معدة للمزاد العلني، أي الدلالة . وأجابني الوكيل العام لمحكمة الاستئناف وماهي المشكلة، ادا لم أتحكم في نفسي فبدات أضحك قال لي احترم المحكمة لمادا تضحك قلت له باحترام فكيف لجنابكم وكيل عام لمحكمة الاستئناف لم تعرف المشكل فكيف أعرفه أنا فقضت محكمة انداك سنة 2009 بالبراءة وارجاع مبلغ الكفالة ومبلغ23000درهم .لا ننكر الظلم والشطط في استعمال السلطة في بلادنا كل شئ موجود في المغرب ،لهذا يجب على المسؤولين عن تطبيق القانون ان يكونوا حياديين في تطبيقه لانهم سيحاسبون عليه يوم القيامة، للأسف انا شخصيا حينما أسمع مثل هده الوقائع أصدقها ولو كانت كادبة هدا هو واقع بلادنا الله يلطف بينا والسلام

  2. ان التهديد بالانتحار يا سيدي ليس هدفا بل وسيلة ربما نختلف حولها ولكنها في الغالب الأعلم احتجاجا على الحكرة وعدم في تفعيل القانون والافلات من العقاب، ففي الوقت الذي تطبق المساطر وتنزل اقصى العقوبات على المستضعفين من لا ظهر لهم يتم اعتماد سياسة عفى الله عما سلف من ارتكبوا. اكبر الكبائر براً وبحراً. والمطالبة باعادة النظر في اعتماد الاتلاف هو للحد من تهرب المسؤولين في غالبية الحالات من القيام بواجبهم في التاكد من سلامة المحجوزات و تحويلها للمؤسسات الخيرية لانه فقط يتطلب جهدا لحضور اعضاء اللجنة لحضور المعاينة وتحرير محاضر وووو، اي يفضلون التضحية بثروة وطنية يمكن ان تملئ بطون الالاف من الجياع عوض التضحية بالوقت والجهد رغم انه من صميم الوظيفة التي يتقاضون عنها اجرا ومنهم من ادى قسماً بحماية المصلحة العليا للوطن والمواطن؟

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا