يشهد ميناء آسفي، كأحد أبرز الموانئ المغربية، ظاهرة مقلقة تهدد استدامة قطاع صيد الأخطبوط. يتعلق الأمر بالتلاعب بأوراق التصريح بالمصطادات، حيث ظهرت أساليب مشبوهة تستخدم تصاريح “عامرة” لتضخيم كميات المصطادات، وأخرى “فارغة” لتبرير صيد غير قانوني، مما يثير تساؤلات حول مصداقية النظام الرقابي بالميناء.
وتتعتمد هذه التصاريح على تقديم بيانات مغلوطة تشير إلى كميات صيد تفوق الحقيقة. الهدف هو تجاوز الحصص القانونية المسموح بها لكل قارب، مما يؤدي إلى الإضرار بالمخزون البحري واستنزافه. هذا التلاعب يعكس خللًا في النظام الرقابي الذي يسمح بتمرير هذه البيانات دون تحقق دقيق.
وعلى النقيض، تمثل التصاريح “الخاوية” قوارب مسجلة على أنها مصرح لها بالإبحار، لكنها في الواقع لا تزاول أي نشاط. تُستخدم هذه التصاريح للتستر على كميات صيد غير قانونية، يتم نقلها من قوارب أخرى تعمل خارج الإطار القانوني. هذا يجعل تتبع مصدر المصطادات شبه مستحيل، مما يضر بالشفافية والمنافسة الشريفة.
ويقول فاعلون إن غياب أنظمة تتبع فعالة وضعف التنسيق بين الجهات الوصية يفتح المجال لمثل هذه الممارسات. حيث تشير تقارير ميدانية إلى احتمال وجود تواطؤات لتسهيل التلاعب. لاسيما وأن نقص الفهم بأهمية حماية الثروة السمكية واستدامتها يساهم في تفشي هذه الظاهرة.
ويؤدي تضخيم الكميات المصطادة إلى تجاوز الحدود المستدامة، مما يهدد توازن النظام البيئي البحري. حيث يعاني المهنيون الملتزمون بالقانون من تراجع فرصهم أمام منافسة غير عادلة. فيما يؤدي انتشار هذه الظاهرة إلى تشويه صورة ميناء آسفي كمركز اقتصادي وطني.
ولمواجهة هذه الظاهرة يشدد الفاعلون المهنيون، على اتخاذ إجراءات صارمة وجادة تشمل على الخصوص تثبيت أنظمة تتبع إلكترونية للقوارب وتوثيق عمليات التصريح بشكل دقيق. مع تكثيف حملات التفتيش المفاجئة لمطابقة التصاريح مع الواقع. وتنظيم ورش عمل وحملات توعوية للمهنيين حول أهمية الشفافية ودورها في حماية الثروة السمكية. وكذا فرض غرامات صارمة على المتورطين في التلاعب سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات.
يشار أن ظاهرة التلاعب بأوراق التصريح في ميناء آسفي تمثل خطرًا جسيمًا يهدد استدامة قطاع صيد الأخطبوط. حيث تقع المسؤولية على عاتق الجهات الوصية بالميناء لاتخاذ خطوات حاسمة تضمن شفافية القطاع، وتحافظ على المخزون البحري، وتعيد الثقة في هذا الميناء الحيوي. إذ من الضروري أن تصبح محاربة هذه الممارسات أولوية وطنية لحماية مستقبل الصيد البحري في المغرب.