تشهد بريطانيا الخميس من الأسبوع الجاري استفتاء للبقاء أو الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، وهو قرار سياسي يحمل انعكاسات سلبية وإيجابية حسب زاوية المعالجة. ومن المناطق التي قد تستفيد في حالة نجاح أنصار «بركسيت» أي انسحاب بريطانيا هناك منطقة المغرب العربي التي تشهد علاقات ضعيفة مع هذا البلد الأوروبي وقد تتطور مستقبلاً. وفي هذه المنطقة يعتبر المغرب مستفيدا رئيسيا في ملف الصحراء.
وكانت علاقة بريطانيا بالاتحاد الأوروبي غير متينة منذ انضمام هذا البلد إلى ما كان يسمى السوق الأوروبية قبل التحول إلى الاتحاد الأوروبي. ومن عناوين هذه العلاقة الهشة عدم انضمام بريطانيا إلى المشاريع الكبرى للاتحاد الأوروبي مثل فضاء شينغن الخاص بحرية التنقل والعملة الموحدة اليورو. فقد فضلت حكومات لندن سواء مع حزب العمال أو المحافظين الاحتفاظ بمسافة من هذه المشاريع الكبرى التي ترمي إلى تحقيق وحدة تجعل من الدول الأوروبية أقرب إلى النظام الفدرالي.
وتصل هذه العلاقة الهشة إلى استفتاء البقاء أو الانسحاب الذي ستشهده بريطانيا غداً الخميس، حيث تفيد استطلاعات الرأي بتعادل نسبي، مما يجعل كل فرضية واردة للغاية في التصويت.
وتنشر الصحافة ومراكز التفكير الاستراتيجي مقالات وتقارير حول الانعكاسات التي قد يحملها انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بين نتائج سلبية وأخرى إيجابية.
وفي هذا الصدد، تمتد الانعكاسات إلى منطقة المغرب العربي القريبة جغرافيا من بريطانيا والتي تعتبر من الشركاء الرئيسيين للاتحاد الأوروبي. ويعتبر خروج بريطانيا في صالح منطقة المغرب العربي وخاصة المغرب والجزائر وإن كانت التأثيرات تختلف بين الدولتين وفق أجندة كل دولة على حدة.
وتعتبر علاقات بريطانيا في منطقة المغرب العربي ضعيفة للغاية، فقد احترمت لندن هذه المنطقة على أساس أنها منطقة نفوذ فرنسي تاريخياً.
وخلال العقود الأخيرة، لم تنجح في تطوير العلاقات مع المغرب والجزائر بحكم أن عضويتها في الاتحاد الأوروبي جعلها تخضع للقوانين الأوروبية المتحكمة خاصة في العلاقات التجارية والاقتصادية لحظة توقيع الاتفاقيات الثنائية.
وعليه، فالانسحاب البريطاني من الاتحاد الأوروبي قد يصب في صالح تطوير العلاقات البريطانية مع منطقة المغرب العربي، لاسيما وأن حكومة ديفيد كاميرون أبانت عن اهتمام بالمنطقة مؤخراً ومنها زيارته إلى الجزائر منذ ثلاث سنوات، وكذلك الرفع من اللقاءات بين المستثمرين البريطانيين والمغاربيين.و
بشكل انفرادي، يعتبر المغرب المستفيد سياسياً في حالة نجاح «بركسيت»،.فخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي سيخفف عليه الضغط في أهم ملف في أجندته الدبلوماسية منذ عقود، وهو ملف الصحراء، خاصة في ظل ضعف دبلوماسية الرباط في الوقت الراهن.
وأثرت بريطانيا خلال السنوات الأخيرة على مختلف الاتفاقيات الموقعة بين المغرب والاتحاد الأوروبي، حيث تحفظت دائماً على ضم الصحراء للاتفاقيات المذكورة.
ومن ضمن الأمثلة، تزعمت لندن معارضة تجديد اتفاقية الصيد البحري مع المغرب، وجرى تجديدها بشرط بريطاني بدعم من دول شمال أوروبا ويتجلى في تمييز مياه الصحراء عن باقي المغرب خاصة في مراقبة التعويضات المالية.
في الوقت ذاته، تعتبر بريطانيا من الدول التي تتحفظ على اتفاقية التبادل الزراعي والمنتوجات البحرية بين المغرب والاتحاد الأوروبي وأبدت ترحيباً بقرار المحكمة الأوروبية إلغاءها، وذلك من خلال قبولها بالاتفاقية ولكن شريطة تمييز الصحراء عن باقي المغرب.
وبالتالي، فمغادرة بريطانيا للاتحاد الأوروبي تعني غياب الدولة التي كانت تتبنى مواقف صارمة للغاية تجاه هذا الملف بما لا يصب في مصلحة المغرب.
البحرنيوز : القدس العربي : خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يصب في صالح المغرب سياسيا في ملف الصحراء واقتصاديا