الصناعات السمكية.. قيمة مضافة للاقتصاد الوطني لسلطنة عمان

0
Jorgesys Html test

الصناعات-السمكية-عمانهل يمكن للأسماك أن تنافس النفط؟ –
رغم انخفاض الأسعار ما زال النفط والغاز على قمة قائمة مصادر الدخل.. ومساهمة محدودة للأسماك في الناتج المحلي –
تقرير – أمل رجب –

أدى الاهتمام الكبير الذي انصب على التفاصيل والجوانب المالية في مناقشات مشروع موازنة السلطنة لعام 2015 في مجلس الشورى إلى أن تخرج من دائرة الضوء بعض التصريحات المهمة التي أعلنها وزير الشؤون المالية معالي درويش بن إسماعيل البلوشي أثناء جلسة الشوري، ومن أهم هذه التصريحات كان إشارة الوزير أثناء مناقشة موضوع المعونات الخليجية للسلطنة إلى أنه من المنتظر أن يتم قريبا توقيع اتفاقيات مع السعودية والإمارات في إطار المعونة الخليجية، وسيتم توجيه التمويل الذي ستحصل السلطنة عليه نتيجة هذه الاتفاقيات إلى مشروع القطار أو مشروع الصناعات السمكية.وتحمل تصريحات الوزير أهمية بالغة إذ أنها تؤكد نظرة الحكومة بجدية لضرورة استغلال، وتطوير الإمكانيات الكبيرة التي يملكها قطاع الثروة السمكية، وتزداد الأهمية مع العوامل والمتغيرات الحالية وفي مقدمتها التراجع الحالي في أسعار النفط وانخفاض العائدات المالية للدول المصدرة، والاتجاه داخل السلطنة تحديداً لزيادة الاهتمام بالتنويع الاقتصادي لإيجاد مصادر دخل تكفل نمو مستدام، كما أن التصريحات مهمة كونها تأتي في إطار تعاون مبشر بين دول مجلس التعاون الخليجي في عدة مشاريع مشتركة منها توفير الأسماك، وهو تعاون يقوم على أن السلطنة ستكون الدولة الأساسية بين دول مجلس التعاون في مجال الإنتاج السمكي التقليدي والاستزراع السمكي، وهناك تعاون جار بين السلطنة ودول المجلس في مشروع الاستزراع السمكي.
ويحمل مشروع الصناعات السمكية، وغيره من المشاريع التي تمثل قيمة مضافة للاقتصاد الوطني، أهمية كبيرة فهو مشروع ضخم من الناحية الاقتصادية وربما يكون أول استغلال من نوعه لواحد من أهم الموارد الطبيعية التي تملكها السلطنة وهو الثروة البحرية، وتتضمن الخطط الحكومية في هذا الصدد إنشاء أكبر ميناء للصيد بمنطقة الدقم التي تحوي منطقة الدقم الصناعية، وذلك حتى تتماشى مع إنشاء منطقة صناعات سمكية تستوعب ما بين 50 و80 مشروعاً كمرحلة أولية.

سوق-المك-سلطنة-عمان

وإلى جانب أن مشروع الصناعات السمكية يساهم في توفير منتجات سمكية محلية ورفع معدلات الاكتفاء الذاتي من الغذاء والتي تبلغ حاليا مستوى جيد للغاية يقترب من 40 بالمائة فان هناك أهمية خاصة للمشروع وهي انه يمثل قيمة مضافة مهمة للاقتصاد العماني ويخدم بشكل أساسي أحد أهم الأهداف الاستراتيجية للاقتصاد العماني وهو تنويع مصادر الدخل وهو هدف يكتسب أهمية خاصة في ظل تراجع العائدات النفطية والحاجة إلى زيادة مساهمة القطاعات غير النفطية إضافة إلى أن هذا المجال الجديد يفتح الباب واسعا أمام فرص جديدة لمشاريع واعدة ومجدية في الصناعات الصغيرة والمتوسطة بدءاً من شركات متخصصة في الصيد ومرورا بالتصنيع والنقل والتصدير وحتى استخدام مخلفات التصنيع في إنتاج علف حيواني.
ورغم انخفاض أسعار النفط عالميا، مازال قطاع النفط والغاز متربعا على قمة قائمة مصادر الدخل والإيرادات للسلطنة بينما من المفارقات أن قطاع الأسماك يبقى في ذيل هذه القائمة بسبب مساهمته المحدودة في الناتج المحلي الإجمالي، رغم السواحل الطويلة للسلطنة، والتي تؤهل القطاع السمكي لأن يكون من أهم مصادر الثروات الطبيعية وتوفير فرص العمل للمواطنين وزيادة عوائد الصادرات غير النفطية، كما أن نمو الصناعات السمكية يمكن أن يجعل من هذه الصناعات مصدراً إضافياً للدخل في حال وفرة الإنتاج وتوجيه جانب منه للتصدير، وصحيح أن حجم الإنتاج النفطي والعائدات النفطية تجعل من الصعب على قطاع الثروة السمكية أو قطاعات أخرى، مثل السياحة على سبيل المثال، أن تكون منافساً حقيقياً للنفط من حيث حجم العوائد المالية لكن جوهر التنويع الاقتصادي هو أن تتوزع روافد الاقتصاد بين قطاعات متعددة تستفيد من الموارد الطبيعية في البلاد وتحولها إلى قيم مضافة، كما أن هناك دولاً منها المغرب لا تملك ثروات نفطية لكن الصادرات السمكية المجمدة والمصنعة تمثل الركيزة الأساسية لاقتصادها.
وربما يكون أحد عوامل الدعم في هذا الاتجاه اتجاه وزارة الزراعة والثروة السمكية للتوسع في مشروعات الاستزراع السمكي وتوزيع أراض لإقامة مشاريع متكاملة للاستزراع ضمن برنامج المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وهو ما يمهد لتعميم الفكرة في جميع مناطق السلطنة في حال نجاحها. وكذلك الأمر بالنسبة لما أعلنته شركة الأسماك العمانية قبل أشهر من أن خطتها للسنوات الخمس القادمة تتضمن إنشاء مصانع بجودة عالية وأسطول بحري من سفن الصيد الساحلي بهدف توفير اكبر قدر من الأسماك، كما اتخذت السلطنة قراراً مهماً بإيقاف سفن الجرف في عام 2011 بهدف الحفاظ على المخزون السمكي ورغم تراجع الإنتاج السمكي في السنة الأولى من القرار بحوالي 15 بالمائة، إلا أن القرار كان صائبا، فسرعان ما زاد الإنتاج بشكل قياسي خلال السنوات الماضية.
وشهدت الفترة الماضية العديد من الجهود التي تصب في صالح تطور القطاع السمكي من خلال ترويج فرص الاستثمار في هذا القطاع وجذب الاستثمارات الأجنبية المتميزة والاستفادة من الخبرات الدولية في هذا المجال، كما اقر المجلس الأعلى للتخطيط استراتيجية تطوير قطاع الثروة السمكية (2013/2020)، التي قدمتها وزارة الزراعة والثروة السمكية وتم بموجبها تخصيص نصف مليار ريال عماني لإنجاح هذه الاستراتيجية التي هي عبارة عن سلسلة متكاملة من الإجراءات؛ تبدأ من القوارب في البحر، وصولاً إلى المستهلك داخل السلطنة وخارجها، وهي تشمل تطوير أساطيل الصيد وموانئ الصيد وتسهيلات الإنزال والبُنى الأساسية والأسواق وأنظمة النقل والمصانع. وخلال مُنتدى عُمان للاستثمار في العاصمة اليابانية طوكيو خلال العام الحالي كان محور الاهتمام هو التعريف بالمزايا الاستثمارية والاقتصادية التي تنفرد بها السلطنة في خطوة لتمهيد الطريق أمام رؤوس الأموال اليابانية للاستثمار وتأسيس الأعمال التجارية وتنميتها على أرض السلطنة وجعلها قاعدة لانطلاق الشركات اليابانية إلى الأسواق الإقليمية المجاورة، وتم خلال المنتدى عرض اهم الفرص الاستثمارية في عدد من القطاعات منها قطاع الموانئ والشحن والمطارات والقطاع الصناعي والبتروكيماويات والسياحة والثروة السمكية والاستزراع السمكي، كما زار وفد عماني مملكة هولندا لترويج فرص الاستثمار بالسلطنة بشكل عام وخاصة في مجال الاستزراع السمكي والصناعات السمكية وموانئ الصيد حيث تم إجراء مباحثات مع المسؤولين بوزارة الاقتصاد والزراعة والابتكار لمناقشة آفاق التعاون المشتركة بين البلدين ووضع البرامج المناسبة لتنفيذها وزار الوفد عدد من المؤسسات الحكومية ومعاهد الأبحاث الخاصة المعنية بقطاع الاستزراع السمكي والصناعات السمكية وعدد من موانئ الصيد وأسواق الأسماك المركزية بهدف الاطلاع على التجربة الهولندية في مجال الثروة السمكية إلى جانب تسليط الضوء على فرص الاستثمار في الاستزراع السمكي والصناعات السمكية المتاحة، كما تضمنت الزيارة الاطلاع على العديد من النشاطات المختلفة في مجال الثروة السمكية منها زيارة الشركات المتخصصة في مجال الصناعات السمكية ذات القيمة المضافة وشركات تصنيع المعدات والأجهزة، حيث تعتبر مملكة هولندا من الدول المتقدمة في مجال التصنيع السمكي ذات القيمة المضافة.وبناء على الدراسات التي أجرتها وزارة الزراعة والثروة السمكية حول الوضع الراهن للثروة السمكية في السلطنة والتحديات التي يواجهها القطاع تم اعتماد عدة أهداف للخطة الخمسية الثامنة تهدف إلى تعظيم العوائد الاقتصادية والاجتماعية للقطاع السمكي في الناتج المحلي الإجمالي واستكمال تنفيذ مشاريع البنية الأساسية اللازمة لتطوير القطاع وتطوير أسطول الصيد ورفع جودة الأسماك وتقليل الفاقد وتطوير قطاع الاستزراع السمكي كما قامت الوزارة بإدراج عدة مشاريع تهدف إلى حماية المخزون السمكي والعمل على استغلاله الاستغلال الأمثل سواء في مراحل تقييم المخزون وتنفيذ المسوحات السمكية أو من خلال رفع الإنتاجية وضبط جودة الأسماك كذلك تطوير صناعة المنتجات السمكية وتشجيع الصناعات التحويلية لزيادة القيمة المضافة للأسماك مع المحافظة على جودة المنتجات وسلامتها بما يتوافق مع الاشتراطات الدولية وتسعى الوزارة ضمن خطتها إلى تطوير شبكة التسويق السمكي في السلطنة وذلك بإنشاء أسواق الأسماك الجديدة وتطوير القائم منها سواء في المناطق الساحلية أو الداخلية وربطها بالسوق المركزي للأسماك بالإضافة إلى تطوير قطاع نقل وتسويق الأسماك.
وبينما تتوقع وزارة الزراعة والثروة السمكية أن ينمو القطاع خلال السنوات المقبلة بنسب عالية لتزداد مساهمته في الناتج المحلي نتيجة لطبيعة القطاع والإمكانيات الكامنة وذلك من خلال زيادة الإنتاج والمصائد والاستزراع السمكي إضافة إلى تطوير الصناعة التكميلية ونشر فكر استثماري يرتكز على الاستفادة من معطيات العصر وتقنياته وأدواته وصولا لرفد التنمية العمانية الشاملة فإن تحويل هذه التوقعات إلى حقيقة يتطلب إجراءات أساسية منها دراسة واسعة النطاق دراسة سوق المنتجات السمكية في السلطنة وحجم الطلب في السوق المحلي والخارجي وتقييم حجم الاستثمار لهذا القطاع اللازم وتقييم تجربة السلطنة في تصنيع المنتجات السمكية وتحديد المعوقات التي تواجه هذه الصناعة والاستفادة من التجارب الناجحة للدول الرائدة في مجال التصنيع السمكي وأهمية المواصفات في تطوير الصناعات السمكية ومدى تأثير العوامل البيئية على المخزون السمكي ودور كل من القطاعين العام والخاص في تأهيل القوى العاملة الوطنية التي يحتاجها القطاع، كما أن هناك ضرورةً لدراسة مدى المساهمة المطلوبة والمتوقعة للأيدي العاملة الوطنية في التصنيع السمكي ومتطلبات توفير الكوادر اللازمة ورفع مساهمة الأيدي العاملة الوطنية في هذا القطاع.
ويذكر انه مع ارتفاع عدد السكان يتزايد الطلب العالمي على الأسماك كمصدر للغذاء بصورة مطردة حيث تقدر الزيادة في الطلب العالمي ما بين 0.5 بالمائة و3 بالمائة سنويا في حين يبلغ متوسط استهلاك الأسماك في السلطنة إلى حوالي 27 كجم سنوياً، ووصل إنتاج السلطنة من الأسماك حوالي 206.5 ألف طن العام الماضي، وتم تصدير ما يقارب نصف هذه الكمية إلى الخارج، حيث تمنع السلطنة تصدير الأنواع الرئيسية، ومنها الجيذر والسهوة والكنعد منعا تاما، كما تمنع أصنافاً أخرى حسب الموسم، بينما يتم السماح بتصدير نسب معينة من بعض الأصناف وإعفاء الباقي من قيود التصدير.

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا