سندباد في معرض سيفود إكسبو

0
Jorgesys Html test

مصطفى القاسمي

 بعد رحلة مليئة بالمغامرات وكثرة المفاجئات، قادته إلى بلاد الميركان، عاد سندباد إلى أرض الوطن وقد أخد منه الجهد الشيئ الكثير. وبعد ما أراح وإستراح وأستانس بالبلاد، ورأى الأهل والأحباب ، دعانا السندباد إلى بيته الكبير وكلنا شوق لما سيرويه لنا الرحالة. إستقبلنا الرجل وأطر النعمة على وجهه، كان جسده مكسو بالحرير وعلى رأسه قبعة لا شك من أنها مقتناة من بلاد العم سام. وبعد الوليمة وتبادل الكلام في شأن الإنسان، جاء وقت النبش في داكرة صديقنا وما حملته رحلته من كسب ومغامرات، وهو سيد الشجعان.

يقول سندباد: “بعدما قطعت البحار والوديان، وتجولت في بلاد السند والهند ، إنتقلنا رفقة عدد من التجار إلى حاضرة يقال لها بوسطن بشمال المريكان . وفي يوم دافئ جميل، إستهواني التجوال فخرجت أتمشى بين الأزقة الهادئة، ومجاري المياه المتدفقة حتى اتار إنتباهي معرض كبير. معرض قال لي أحد أبناء المدينة بأنه يدعى سيفود إكسبو وهو متخصص في عرض الأسماك . ولأني إبن بلد بحري وأعشق البحر ،رفعت ساعتها من خطواتي وولجته بحماس منقطع النظير، ماذا سأحكي لكم ياسادة ، في المعرض الذي كان أكبر من مدينتي كان هناك من العجائب ما يبهر الإنسان ، أسماك فيها ما يعجز عن وصفه اللسان، ومنها ماهوشبيه بالوحش ومنها ما تقول عنه انه جان، وبالمعرض كان هناك أناس أشكال وألوان.

في بوسطن المدينة الهادئة التي ألهب سكونها كثرة الحركة، وتنسم جوها برائحة الأسماك، سمعت من الزائرين والعارضين من يتحدت عن صفقات بملايير الدولارات. ورأيت أيضا كيف صارت دول غير محيطنا تستثمر في الأسماك. وكيف صارت تأخد مثل ما عندنا لتحوله في شكل يخفي منشأه ويجعلك تشك في الذي بين يديك . لن تصدقوني إذا قلت لكم أنه في تلك البلاد البعيدة، لمحت وأنا أتجول بين الأروقة مغاربة وقد إتخدو لنفسهم رواقا يتحلق داخله أكثر من عشرة رجال، وبينهم إمرأة دات قد وجمال. رأيتها تجلس على كرسي فلمحت فيها نخوة البلاد وأنفة المرأة المغربية.  وبقربها إصطف رجال وبأيديهم حلوة مغربية وشاي منعنع . وبجانبهم بلاغي فاسية تحمل الراية المغربية.

إقتحمت المكان وسلمت على أبناء جلدتي سلاما مغربيا، حيت أستقبلوني على غرار باقي الضيون بالشاي والحلوة والإبتسامة الرقيقة. سألوني عن حاجتي في بوسطن، فقلت لهم أرض الله واسعة وأنا أكتشف ثقافة الأوطان. لكن ما حاجتكم هنا، هل تسوقون الحلوة في أرض العم سام؟ فأجابني هل تمزح يا سندباد. قلت له هذا مادلني عليه ما تقدموه لضيوفكم. فقال لي هذا واجب الضيافة لكننا هنا لنسوق منتوجنا البحري. قلت له لم أرى لديكم أسماك فكيف ذلك؟ قال نحن نحكي لهم عن بحرنا وما يضمه من خيرات. فقلت له أنتم كعادتكم تبيعون الحوت في البحر، فهل هناك من كثيب أو ملصق اعددتموه لهذا الغرض. فأجابني بأن الوقت لم يسعفهم لذلك. حينها ودعت صديقي المغربي وتركت خيمة البلاد.

ساحت بي قدماي وسط العالم المبهر الكامن بين الأروقة حيت المعروضات أنواع وأشكال، فبين أخطبوط مطبوخ على أعواد يابانية، وأسماك مقلية في زيت الأركان، وأخرى قد تحولت إلى وصفات طبية وأخرى طبيعية، بين أرانب بحرية وتعابين وعصافير مائية وبحار تلتطم أمواجها وسط معرض شيء له أن يكون شيئا خارقا للعادة يبهر العيان. وأنا اتجول أتارتني كثرة الوصفات التي تنافس فيها العارضون فالكل يطبخ على هواه، والزردة مفتوحة للجميع من دون دعوة أو … حينها أتارني أحد العارضين بما يصنعه من قطبان التي لم أعرف أهي لي سمكة أم لخروف. وأنا أتعجب مما أرى حتى فاجأني العارض بلغته فعرفت أنه أسترالي قائلا ، تذوق فهنا نحن لا نبيع، ولكننا نشجع زوارنا على إقتناء منتوجنا. تدوقت من تلك القطبان فأحيت في الشوق إلى بلدي البعيد ، طلبت منه أن يعطيني منه ما أنقله لبلادي، فسألني وأي البلاد أنت؟ قلت له المغرب. فقال لي ويحك أيها الأحمق إنها أسماككم. الاتعرف الكوربينا إنها قطبانها.

حينها لعبت بي الأفكار وتسارعت وسط دهول لم يسبق له أن إنتابني في مغامراتي السابقة، وتساءلت في قرارة نفسي أما كان في إستطاعة أهل بلدتي بأن يجلبو مثل هذا الخروف عفوا هذه الكوربينا ويقدموها للعيان؟ أما كان في مقدور أبناء جلدتي إستقدام ثلاثة أو أربعة من أصحاب الشواية السردينية التي لا يخلو منها ميناء من موانئنا المغربية؟ أما كان أولى بالسيدة الممشوقة القد والمتباهية بأنوتتها وحلوياتها التي كلفت ميزانية الدولة الشيء الكثير؟ أن تستعيض عن الحلويات بخواتم الكلمار ومقلة الكروفيت والأخطبوط المسلوق، لتهذيها لزوار الرواق المغربي؟ البلد الذي حباه الله ببحرين، وبخصائص غير متوفرة لكل العارضين، القادمين من تسعين دولة، ينشدون الأسماك وليس الدقيق و السكر . حينها ودعت صديقي الأسترالي وتركت المعرض لأنقلب عائدا إلى بلادي بعدما صفيت كل ممتلكاتي ببوسطن وبلاد العام سام . ”

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا