مع إرتفاع وثيرة الجدل القائم حول أثمنة السردين بين الموانئ والأسواق، وتعالي أصوات البحارة الداعية إلى رفع أثمنة البيع الأول على مستوى الموانئ الجنوبية التي تعتمد أثمنة مرجعية ، بما يساير التطورات التي تعرفها كلف الإنتاج ، تجدد النقاش حول أثمنة الكازوال الموجه لقطاع الصيد في ظل الفوارق المتواصلة بين الصيد الساحلي والصيد في أعالي البحار.
ومردّ هذا الجدل هو أن الأثمنة المرجعية لسمك السردين على مستوى موانئ الجنوب، بالكاد تتجاوز ثلاثة دراهم. وهي أثمنة يؤكد البحارة أنها لم تعد تشفي الغليل ، حتى أن عائداتهم اصبحت محصورة وهزيلة بالنظر لقيمة النفقات التي تتطلبها رحلات الصيد، وكذا محدودية المفرغات. وهي معطيات تفرض رفع الأثمنة المرجعية إلى 5 دراهم على الأقل وفق مطالبهم ، مع العمل على مراجعة تكاليف الإنتاج ، خصوصا منها المحروقات التي تلتهم مبالغ مهمة في رحلات الصيد .
ويطالب الفاعلون المهنيون بضرورة تسقيف أثمنة الكازوال ، وفتح تحقيق جاد ومسؤول في الفوارق الحاصلة، لاسيما وأن مقتضيات المرسوم رقم 2.85.890 الصادر في 31 دجنبر 1985 تعفى مواد الوقود والمحروقات والزيوت الملينة المستهلكة خلال بعض عمليات الملاحة البحرية من جميع الرسوم والضرائب ، بما يقضي بسواسية جميع الأساطيل البحرية التي تحمل العلم المغربي أمام الإعفاءات الضريبية على المحروقات دون التفصيل أو تحديد هوية الأساطيل.
ويؤكد الفاعلون أن هذا المرسوم أرادت من خلاله الدولة تشجيع الفاعلين المهنيين والتخفيف من أعباء المصاريف الناجمة عن نشاط الصيد بما يخدم تنافسية الأثمنة انسجاما مع القدرة الشرائية للمواطن المغربي، غير أن الأثمنة المتداولة بمحطات توزيع الوقود بمختلف الموانئ تعرف فروقات بين الكازوال الموجه لأسطول الصيد في أعالي البحار وكازوال الصيد الساحلي، تتراوح بين 1.70 و 2 دراهم، ويعزى هذا التفاوت إلى كون الشركات الموزعة هي التي تحدد هامش الربح بالنسبة للأسطولين، في تجاهل تام لمضامين المرسوم السابق ذكره، بالرغم من أن أسطولي الصيد الساحلي والتقليدي هما المزودين الرئيسيين للسوق الوطنية من الأسماك، كما يشغلان يد عاملة كبيرة. حيث يطالب الفاعلون بفتح تحقيق جاد ومسؤول بخصوص هذه الفوارق، والجهات التي تستفيد منها
وظل موضوع التفاوت الحاصل في اثمنة المحروقات بين الأساطيل والموانئ، واحدا من النقاط التي تستأتر بالنقاش المهني، إذ يطالب مهنيو الصيد الساحلي بضروة توحيد الأثمنة وتسقيفها بشكل يستحضر خصوصيات قطاع الصيد ، بما يواجهه من تحديات أنية ، أصبح تعيق الجهود الرامية لتموين الأسواق بالمنتوجات البحرية بأثمنة تنافسية. لاسيما وأن المحروقات تلتهم لوحدها أزيد من 65 بالمائة من تكاليف الإبحار ورحلات الصيد. وهو معطى يكون له الأثر السلبي على مداخيل البحارة، الذين يتقاضون مستحقاتهم بنظام المحاصة، بعد خصم مختلف المصاريف المتراكمة خلال رحلة الصيد.
ويخلف هذا المعطى أثرا سلبيا على المردودية المحققة في السنوات الآخيرة، والتي تراجعت بشكل رهيب لاسيما بعد إعتماد مجموعة من الإصلاحات والتدابير، خصوصا في قطاع الصيد الساحلي الذي يناهز عدد مراكبه 1800 وحدة، وهي الإصلاحات المتسمة بهاجس الإستدامة والمحافظة على التنوع البيولوجي للمصايد. إذ يطالب المهنيون والحالة هذه بإيجاد صيغة عادلة للتخفيف من أعباء رحلات الصيد، ومحاصرة ارتفاع ثمن المحروقات المستعملة في قطاع الصيد البحري. بعد أن أصبحت هذه الكلفة الباهضة تهدد إستقرار الإستثمار ومعه اليد العاملة في القطاع