نشرت مجلة The Journal of Island and Coastal Archaeology الأمريكية، المتخصصة في الدراسات الأثرية الساحلية والجزرية، في عددها الصادر بتاريخ 12 يونيو 2025، مقالا علميا يوثق اكتشافا أثريا لافتاً في جزيرة موغادور قرب مدينة الصويرة المغربية، يتمثل في العثور على أحافير بحرية نادرة تعود إلى عصور جيولوجية غابرة، داخل موقع أثري روماني.
ووفقاً لما أوردته المجلة، فقد تم اكتشاف هذه الأحافير، المعروفة علمياً باسم براكيوبود، ضمن طبقات أثرية تعود للفترة الممتدة ما بين القرن الأول والثالث الميلادي، ما يرجح استخدامها أو تداولها خلال الحقبة الرومانية في إطار الحركة التجارية عبر سواحل شمال إفريقيا.
وأوضحت الدراسة أن هذه العينات الأحفورية، التي تشمل نوعًا محددًا يعرف باسم Lamellaerhynchia rostriformis، تتميز بحفظها الاستثنائي، رغم أنها تعود إلى العصر الطباشيري، أي ما بين 145 و100 مليون سنة. ويمثل هذا الاكتشاف مفارقة جيولوجية، نظراً لأن جزيرة موغادور ذاتها تشكلت من كثبان رملية لا يتجاوز عمرها مليوني عام، مما ينفي أن تكون هذه الأحافير قد تشكلت في الموقع ذاته.
وبالاعتماد على تحليلات مورفولوجية دقيقة، حدد الباحثون مصدر هذه الأحافير في مناطق تبعد حوالي 50 كيلومتراً جنوب شرق الجزيرة، حيث توجد صخور من طبقة “هوتيريف” تعود إلى حوالي 132–129 مليون سنة. وقد عُثر على أربع عينات مشابهة في الستينيات، محفوظة داخل أمفورة رومانية، ما يعزز فرضية أن هذه الأحافير جلبت إلى الجزيرة من مناطق بعيدة.
وطرحت المجلة عدة تساؤلات حول الطريقة التي وصلت بها هذه الكائنات المتحجرة إلى موغادور، مقترحة عدداً من الفرضيات، أبرزها أن الجزيرة كانت نقطة تجارية رومانية تستورد مواد من أماكن مختلفة، أو أن رعاة محليين نقلوها ضمن تبادلات رمزية أو تجارية. كما لم تستبعد الدراسة فرضية ارتباط نقل الأحافير بشحنات خشب “السنداراك”، المعروف بقيمته لدى الرومان، خاصة وأن مواقع العثور على الأحافير قريبة من مناطق قطع هذا النوع من الخشب.
ولفتت المجلة إلى أن بعض الثقافات القديمة نسبت للأحافير خصائص علاجية أو سحرية، ما قد يفسر وجودها داخل أمفورة رومانية، ربما استُخدمت لأغراض طقسية أو رمزية. فيما اختُتم التقرير بالتأكيد على أن جزيرة موغادور كانت مركزاً حيوياً للتبادل التجاري منذ العصور الفينيقية وحتى العصر الروماني، مما ينسجم مع وجود هذه الأحافير في سياق أثري غير تقليدي، رغم عدم امتلاكها قيمة مادية مباشرة.
البحرنيوز: متابعة