أعطت السيدة زكية الدريوش، كاتبة الدولة لدى وزير الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، المكلفة بالصيد البحري، يوم الاثنين 16 دجنبر 2024 بالرباط، انطلاقة أشغال الورشة الإقليمية حول اتفاقية “BBNJ*” المتعلقة بحفظ التنوع البيولوجي البحري واستخدامه على نحو مستدام في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية (*Biodiversity Beyond National Jurisdiction*)، وذلك بحضور ممثلين عن الأمم المتحدة، والاتحاد الأوروبي، وعدد من المسؤولين الحكوميين إلى جانب خبراء في التنوع البيولوجي البحري.
وأفادت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري في بلاغ صحفي أن هذه الورشة، التي يحتضنها المغرب وتنظمها شعبة شؤون المحيطات وقانون البحار، التابعة للأمم المتحدة بدعم من الاتحاد الأوروبي، تجمع أكثر من 120 مشاركاً من الدول الإفريقية المطلة على المحيط الأطلسي والبحر الأبيض المتوسط، بالإضافة إلى بعض الدول الإفريقية غير الساحلية. حيث تأتي هذه المبادرة في إطار الجهود الدولية لتعزيز الحوكمة المستدامة للمحيطات، بمشاركة ممثلين عن منظمات دولية وإقليمية، وخبراء في التنوع البيولوجي البحري.
ورحبت السيدة كاتبة الدولة خلال كلمتها الافتتاحية، بالمشاركين القادمين من عدة دول إفريقية، وذكّرت بالأهمية الاستراتيجية لاتفاقية “BBNJ” التي تم تبنيها في مارس 2023 تحت رعاية الأمم المتحدة. وشددت المسؤولة الحكومية أن هذه الاتفاقية تمثل تقدماً كبيراً لحفظ واستغلال الموارد البحرية بشكل مستدام في المناطق الواقعة خارج نطاق الولاية الوطنية، والتي تغطي حوالي 60 في المائة من المحيطات العالمية. كما أشادت بجهود المجتمع الدولي للوصول إلى توافق في الأراء بالرغم من الخلافات الأولية، مما يعكس قوة التعددية.
إلى ذلك سلطت السيدة الدريوش الضوء على الدور النشيط الذي يلعبه المغرب، كدولة بحرية بامتياز، بفضل سواحله الممتدة على 3500 كيلومتر، في تعزيز رؤية إفريقية موحدة حول القضايا الرئيسية لاتفاقية “BBNJ”، لا سيما في ما يتعلق بإنشاء محميات بحرية، والتوزيع العادل للموارد البحرية، ووضع آليات لتقييم الأثار البيئية. كما أكدت التزام المملكة، في ظل التوجيهات الملكية السامية لجلالة الملك محمد السادس، نصره الله، بتعزيز اقتصاد أزرق شامل ومستدام، وتعميق التعاون الإقليمي.
وفي هذا السياق، أبرزت المسؤولة الحكومية أهمية المبادرة الأطلسية التي أطلقها صاحب الجلالة الملك محمد السادس لتعزيز ولوج دول الساحل إلى المحيط الأطلسي. مؤكدة أن هذه الرؤية الملكية، القائمة على التضامن الفعّال والتنمية الشاملة، تعكس طموحاً مشتركاً لتجاوز القيود الجغرافية وتعزيز التعاون الإقليمي، بما يتيح لهذه الدول الاستفادة الكاملة من الفرص التي يقدمها الاقتصاد البحري.
كما ذكّرت كاتبة الدولة وفق ذات البلاغ الذي توصلت البحرنيوز بنسخة منه، بالجهود التي بذلها المغرب خلال المفاوضات حول اتفاقية “BBNJ” لتسهيل توحيد رؤية إفريقية موحدة بشأن المكونات الرئيسية للنص المطروح للنقاش، بما في ذلك إنشاء المحميات البحرية، ودراسات تأثير الأنشطة البشرية على البيئة البحرية، والوصول إلى الموارد البحرية وتقاسم منافعها بشكل عادل ومنصف.
وتهدف الورشة إلى تعزيز فهم الأطراف المعنية لأحكام اتفاقية “BBNJ”، وتحديد الإحتياجات المؤسسية والقانونية لضمان تنفيذها الفعّال، ومواكبة الدول في التحضير للانضمام والمصادقة على هذه الأداة القانونية. إذ سيتبادل المشاركون خلال النقاشات العامة وورشات العمل التفاعلية، وجهات النظر حول الأولويات الإقليمية والإستراتيجيات المناسبة التي تتكيف مع الواقع الوطني.
يُذكر أن المغرب، الذي وقّع على اتفاقية “BBNJ” في 21 شتنبر 2023 وبدأ في اتخاذ خطوات متقدمة للمصادقة عليها، يعيد تأكيد دوره من خلال استضافة هذه الورشة كقائد إقليمي في مجال حفظ وإدارة الموارد البحرية بشكل مستدام. إذ تبرهن المملكة مرة أخرى على التزامها القوي بأهداف التنمية المستدامة، ولا سيما الهدف الرابع عشر الخاص بالحفاظ على المحيطات والبحار والموارد البحرية واستخدامها على نحو مستدام، إذ يؤكد المغرب رغبته القوية في المساهمة وبفاعلية في حوكمة بحرية شاملة ومستدامة.
وتعد اتفاقية “BBNJ*” المتعلقة بحفظ التنوع البيولوجي البحري واستخدامه على نحو مستدام في المناطق الواقعة خارج حدود الولاية الوطنية ، منعطفا حاسما في القانون الدولي للبحار، إذ تنص على بلورة أدوات للتدبير المبتكر والطموح بهدف حفظ التنوع البيولوجي البحري واستخدامه المستدام والرشيد والعادل، وذلك من قبيل دراسات الأثر البيئي والمناطق البحرية المحمية. حيث تتعلق الاتفاقية بحماية المناطق الواقعة خارج المياه الإقليمية أو المنطقة الاقتصادية الخالصة للدول الساحلية. ويتيح، بذلك، العمل في المناطق البحرية الواقعة في أعالي البحار، وفي المياه الدولية والتي لا تقع ضمن اختصاص الولاية الوطنية.
وتمثل أعالي البحار أزيد من 60 في المائة من مساحة المحيطات، ونحو نصف مساحة سطح كوكب الأرض. هذا الفضاء الشاسع لم يكن يحظى بحماية محددة قبل اعتماد هذا الإطار القانوني العالمي، مما كان يعرضه لضغوط متزايدة بسبب الأنشطة البشرية، والتلوث، والاستغلال المفرط للموارد، والتغير المناخي، وكذا تلاشي التنوع البيولوجي. إذ تكتسي هذه المعاهدة أهمية قصوى لكون أعالي البحار تعد موطنا للموارد الوراثية البحرية والتنوع البيولوجي الغني، الذي مازالت المعارف بشأنه قليلة، كما أن له قيمة لا تقدر بثمن على المستويات الإيكولوجية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والعلمية والاجتماعية وأيضا الأمن الغذائي.