لأول مرة…دراسة علمية أكاديمية تكشف عن الحالة الصحية للنباتات البحرية بساحل الحسيمة

0
Jorgesys Html test

الحسيمة .. خالد الزيتوني 

أظهرت دراسة علمية حديثة تراجع إنتشار النباتات البحرية في المنطقة البحرية للمنتزه الوطني للحسيمة  ZMPNAH، والذي قد يكون نتيجة لأنشطة الصيد المحظورة والصيد المكثف بشباك الجر في المناطق الضحلة. والذي تبين نتيجة تحليل البيانات المتعلقة بالتوزيع الديموغرافي ودراسة تشريحية للعينات التي تم انتقاؤها في أربع محطات على طول الشريط الساحلي في “PNAH” .

وأظهرت النتائج أن هذه الحالة الصحية المتدهورة ترتبط بالتهديدات المختلفة التي تمت ملاحظتها في العشرات من عمليات الغطس المصحوبة بتوظيف تقنيات تتبع حالة هذه النباتات، ومن الناحية المنظورية، سيكون من المثير للاهتمام، إنهاء أنشطة الصيد غير المشروع في المناطق الساحلية الشمالية، وخاصة الصيد بشباك الجر في المناطق الضحلة، من خلال اتباع نهج النظام البيئي، من أجل استعادة صحة قاع الأعشاب البحرية، وإعلان المزيد من مناطق الحظر البحري ( No Take Zone )، خاصة منطقة بومهدي، وذلك لحماية الأعشاب البحرية الموجودة هناك.

 وبات من الضروري تطوير أنظمة مراقبة مروج نباتات الماجنوليوفيت في منطقة “PNAH”، لتغطية المواقع الأخرى، وخلال فترات أخرى من العام، وإجراء تحليلات السمية البيئية “ECOTOXICOLOGIE” لأحواض الأعشاب البحرية في طوريس وكلايريس لتسليط الضوء على تداعيات نقاط تصريف مياه الصرف الصحي الساحلية واستكشاف آليات امتصاص وتراكم آثار الملوثات في النبات من أجل توضيح ترتبات التلوث.

وتأتي هذه الخلاصات في إطار البحث الذي أنجزه الطالب الباحث في هندسة الساحل طارق قايقاي بالمرصد الساحلي بالحسيمة، من فبراير إلى يونيو 2024، والذي حاول خلاله اكتساب معرفة الحالة الصحية للأعشاب البحرية وتوزيعها بالمنتزه الوطني للحسيمة، من خلال دراسة المؤشرات الايكولوجية المتعلقة بها، ومن خلال تطبيق تقنيات وضع الخرائط والمراقبة. العمل نفسه جاء في إطار تعليمات اتفاقية برشلونة، حيث جري تنفيذ المهمات البحرية وعمليات رصد الأعشاب البحرية في إطار مشروع “Medfunds” الذي تنفذه جمعية “AGIR” بشراكة مع المرصد الساحلي بالحسيمة.

وتطرق الباحث للخدمات البيئية لحقول الأعشاب البحرية، وأشار إلى أنه سنوياً، يتم تخزين 40% من الكربون بواسطة النباتات الساحلية. حيث تلعب حقول الأعشاب دورًا رئيسيًا في التخفيف من تغير المناخ من خلال احتجاز الكربون، على الرغم من أنها تمثل 0.2% فقط من سطح المحيط، بقيمة اقتصادية تصل إلى 13.7 مليار دولار سنويًا، كما يلعب نظام جذورها الواسع دورًا أساسيًا في ترسيب وتثبيت الرواسب، مما يحافظ على توازن السواحل لمنع تآكل الشواطئ الرملية، وتثبيت وتشكيل قاع البحار، وتوفير مواطن ومناطق حضانة للعديد من الكائنات، وحسب مجموعة من الدراسات فإن قيمة خدماتها البيئية تفوق ثلاثة أضعاف تلك التي تقدمها الشعاب المرجانية وعشرة أضعاف الغابات الاستوائية.

وفيما يتعلق بحالة المعرفة حول حقول الأعشاب البحرية في البحر الأبيض المتوسط وأهمية العمل، أشار الباحث إلى أن المعلومات المتاحة حول التوزيع الجغرافي الدقيق لهذه الحقول تظل مجزأة للغاية في بعض المناطق، لا تزال البيانات المتعلقة بهذه الأعشاب البحرية بمنتزه الحسيمة ومناطق أخرى ضعيفة، ويظل الشريط الساحلي المغربي المُوثق غير كافٍ، حيث أن 5 فقط من بين 21 دولة لديها جرد خرائطي يغطي على الأقل نصف سواحلها، وتُعتبر رسم الخرائط ومراقبة حقول الأعشاب البحرية من الأنشطة ذات الأولوية في إطار خطة العمل للحفاظ على النباتات البحرية في البحر الأبيض المتوسط، التي اعتمدتها الأطراف المتعاقدة في اتفاقية برشلونة عام 1999.

وركز الباحث من خلال بحثه عن حالة المعرفة حول حقول الأعشاب البحرية في المنتزه الوطني بالحسيمة، وأشار إلى أنه محليًا، تمت دراسة ورسم خرائط حقول الأعشاب البحرية في المنتزه الوطني بالحسيمة لأول مرة ضمن مشروع MedKeyHabitats II في عام 2019. وأشارت النتائج إلى ضرورة تحديث بيانات رسم خرائط النظم البيئية البحرية. ويأتي اختيار المنتزه الوطني بالحسيمة كمنطقة عمل في موضوع “متابعة وتوصيف موائل حقول الأعشاب البحرية”  يعتمد على إعلانها كمنطقة بحرية محمية رسمية وحيدة على الساحل المتوسطي المغربي (بروتوكول المناطق المحمية بشكل خاص والتنوع البيولوجي لاتفاقية برشلونة). بالإضافة إلى ذلك، تم تصنيفها في عام 2009 من قبل الأمم المتحدة كمنطقة محمية بشكل خاص ذات أهمية متوسطية.

الباحث طارق قيقاي ومن خلال دراسته سعى لتحقيق أهداف تشمل توفير بيانات القيام بعمل ميداني باستخدام تقنيات رسم الخرائط لتوصيف موائل الأعشاب البحرية في أربعة مواقع في المنطقة البحرية المحمية بالمنتزه الوطني بالحسيمة، وتقييم التغير في حالة صحة حقول الأعشاب عبر مقارنة بيانات 2019 مع 2024، وكذلك تقييم حالة الحفاظ على حقول الأعشاب وتحليل حساسية نظمها البيئية بالاشتراك مع بيئاتها ” ESPECE PARAPLUIT”، وكذلك دراسة ديناميكيات وتطور المساحات ومراقبة موائل حقول الأعشاب البحرية بالإرتباط مع قياساتها الحيوية والديموغرافية، وفحص مدى قابلية البقاء والمرونة، وتقييم مقاومة الموائل في مواجهة تهديدات أنشطة الصيد والاستزراع المائي.

وشملت المنهجية ومناطق الدراسة تتبع ودراسة  تطور وديناميكية حقول الأعشاب البحرية في المنطقة البحرية المحمية بالمنتزه الوطني بالحسيمة ( المنطقة البحرية المحمية الرسمية الوحيدة على الساحل المتوسطي المغربي ) وحالتها الصحية باستخدام تقنيات دراسة المؤشرات المشتركة لحقول الأعشاب البحرية من خلال قياس معاييرها البيئية والديموغرافية (مثل الكثافة، معدل التغطية، المساحة الورقية) والمورفومترية والتشريحية (مثل المؤشرات والأبعاد المتوسطة للأوراق). وتم إجراء قياسات للمعايير اللاإحيائية في المواقع الأربعة للدراسة (بومهدي، توبو، طوريس وكلايريس) لتقييم تأثير المعايير الفيزيائية والكيميائية للماء وحجم حبيبات الرمل على الحالة التطورية للحقول، وتم رصد التهديدات والضغوط البشرية خلال هذه الدراسة لفهم كيفية استجابة الحقول لكل عامل ضغط.

وأظهرت النتائج ارتفاع المدى الجغرافي لعشب “Cymodocea nodosa” بمحطة بومهدي من مساحة 184.254م² سنة 2019 إلى مساحة 371.697 م² (هذه الدراسة). وفسر الباحث هذا التطور من خلال انخفاض أنشطة الصيد التي تشكل تهديدا للأعشاب البحرية في منطقة بومهدي منذ عام 2019 حتى وقت هذا العمل.

وأعطى الباحث تفسير لانخفاض المركز نحو أعماق 14 مترًا (15 مترًا في عام 2019) من خلال التكيف مع تدرج شدة الضوء المناسب الذي يتطلبه النوع والذي يتم تعديله بمعدل التعكر على مدى فترة طويلة من الزمن (5 سنوات)، كما تم توظيف عامل التلوث نظرا لأن الدراسة التي أجريت سنة 2019 أشارت إلى حالة بيئية ملوثة بشكل طفيف في قاع الأعشاب البحرية في بومهدي وكلايريس، مما يدعم احتمال زيادة التلوث في عام 2024. وانخفضت كثافة النبات بمحطة بومهدي من حوالي 493 حزمة/م² [18] إلى 109 حزمة/م² في المحطة، صاحبها انخفاض نسبة التغطية من 98% إلى 17.5%، مع العلم أن توفر المغذيات من بين العوامل البيئية الرئيسية التي تتحكم في الإنتاج الأولي للأعشاب البحرية. ومن هنا جاءت فرضية التباين الطبيعي البسيط في الكثافة بسبب تأثيرات تغير المناخ. متوسط ​​أطوال الأوراق والحزم انخفضت على التوالي من 15 سم إلى 13 سم ومن 23 سم إلى 19.3 سم.

ومن النتائج التي أسفرت عنها هذه الدراسة بمنطقة “TOPO” أن القاع الرملي يحافظ على آثار جذور النباتات التي تم التعرف عليها، ولا يحتوي هيكل جسم النبات على أي جزء ورقي ويتوزع بين عمق 12 م و 18.5 م. وتدهور الحالة الصحية للأعشاب البحرية التي لوحظت في محطة توبو بشكل منهجي بسبب تأثير الصيد المكثف بشباك الجر، ووفقًا لملاحظات الباحث في الفترة من فبراير إلى يونيو، فإن هذا النشاط محظور دوليا ولكن يتكرر بشكل ملحوظ (سفينة صيد واحدة على الأقل/خرجة واحدة) وفي أعماق غير مسموح بها، والذي يتركز بشكل خاص في هذه المنطقة التي تشكل قلب مياه المنتزه البحري في منطقة توبو، وتتجلى آثاره المدمرة على النظام البيئي للأعشاب البحرية من خلال حالة النظام البيئي البحري المتدهور بصفة عامة.

وبمنطقة “TORRES” يمكن تفسير غياب الجزء الورقي من الأعشاب البحرية (تم اكتشافه لأول مرة) مصحوبًا بتطور (متنوع مكانيًا) لبنيته الداخلية (الجذور، وما إلى ذلك)، من خلال استراتيجية اتخذتها هذه النباتات في صيرورة نموها، مقابل التأثير التراكمي للملوثات البحرية، وفائض من العناصر الغذائية التي تدخلها نقطة تصريف المياه العادمة عند مصب واد بني بوفراح، نظرا لأن التصريف المفرط للنيتروجين والفوسفور في البحر هو أحد العوامل المسؤولة عن فقدان مروج الأعشاب البحرية بالقرب من المدنالساحلية. إلى حد تصنيف شاطئ طوريس على أنه ذو جودة غير كافية (منذ 2014 إلى 2024)، بحسب مجمل تقارير البرنامج الوطني لمراقبة جودة مياه الاستحمام.

وبمحطة “CALAIRIS” أشار الباحث إلى الأخذ في الاعتبار أنه تم الإبلاغ عن فقدان نبات “Cymodosea nodosa” الذي كانت تقدر مساحته 46319.63 م² سنة 2019، هذا الاختفاء في2024 حسب الباحث طارق قيقاي، يرتبط من وجهة نظر بيولوجية بالرواسب الحيوية من مزارع تربية الأحياء المائية التي يمكن أن تكون غنية بالكربون والنيتروجين ويوزعها التيار الداخلي لخليج كاليريس، الذي يعزز في هذه الحالة من سرعة نمو الطحالب داخل النبات، ثم المنافسة الأفقية، أو فرضية التثبيت المفرط للطحالب الميكروسكوبية، على الأوراق، مما يعرق عملية التمثيل الضوئي.

ومن المحتمل أيضًا حدوث ضغط من أنشطة الصيد، نظرًا لعدد من أنواع الشباك العائمة (TREMAILS) التي تم رصدها في المنطقة. إذ على المستوى الطبيعي، فإن تأثيرات تغير المناخ، مثل التغير في درجات الحرارة وثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي وارتفاع مستوى سطح البحر، كل هذه العوامل تقلل من وصول الضوء إلى قاع الأعشاب البحرية عبر نطاقات أعماقها، مما قد يحد من عملية التمثيل الضوئي وإنتاجية النبات.

Jorgesys Html test Jorgesys Html test

أضف تعليقا

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا