انطلقت من مدينة الداخلة مبادرة دولية لتعزيز التعاون الدولي في مجال حماية التراث البحري، وذلك بمبادرة مشتركة من خبراء ومؤسسات دولية من بلدان السنغال، البرتغال، الرأس الأخضر، موريتانيا، والمغرب. حيث تم الإعلان عن هذه المبادرة في النسخة الأولى للورشات الدولية التي استضافتها الداخلة على مدى أربعة أيام، من 15 إلى 18 نونبر 2024.
وحسب بلاغ صادر عن جمعية السلام لحماية التراث البحري، فإن هذه المبادرة تهدف إلى وضع اللبنات الأولى لاطار يساهم في رفع مستوى التنسيق و تبادل الخبرات ، و تحويل جهة الداخلة – جنوب المغرب إلى مركز رئيسي لتنفيذ وتتبع مبادرة حماية وتثمين التراث البحري على الواجهة الأطلسية الإفريقية.
في كلمته الافتتاحية خلال الندوة العلمية الأولى للورشات، أعرب رئيس المجلس الجماعي للداخلة السيد الراغب حرمة الله، عن دعمه لهذه المبادرة التي من شأنها أن تعزز مكانة الداخلة كقطب دولي في حماية التراث البحري. من جانبها، أكدت السيدة نسرين إيوزي، المديرة المكلفة بالإشراف على ميناء الداخلة الأطلسي، على ترحيبها بهذه الجهود، مشيرة إلى أهمية هذه المبادرة في تثمين الجانب الثقافي للواجهة الأطلسية.
في سياق مماثل، شدد السيد عمر باديان، مدير التراث في السنغال، على الدور الحيوي لهذه الورشات في بناء أسس تعاون إفريقي متين في مجال الحفاظ على التراث. وأكد على أهمية تعزيز القدرات وتوحيد الجهود الإقليمية. دعمت هذا الرأي السيدة آنا بيساو، رئيسة المعهد الوطني للتراث الثقافي في الرأس الأخضر، مؤكدة على ضرورة التعاون الإقليمي لتوحيد الجهود في هذا المجال.
من جانبه أبرز السيد بيدرو كوستا باروس، ممثل المركز البرتغالي للآثار البحرية، الدور الذي تلعبه جمعية السلام لحماية التراث البحري في جمع البلدان الإقليمية معًا، مشيرًا إلى أن هذا الجهد يُعد مثالاً يحتذى به للتعاون الإقليمي. وفي نفس السياق، نوه الأستاذ أحمد مولود ايده هلال، رئيس قسم التاريخ بجامعة نواكشوط، بالأبعاد التاريخية لهذا التعاون الإفريقي.
وفي كلمة ألقاها السيد الشيخ المامي أحمد بازيد، رئيس جمعية السلام، أكد أن “التراث البحري، سواء كان أثريًا، ثقافيًا، أو طبيعيًا، يمثل جزءًا لا يتجزأ من تراثنا الإنساني”، فيما أشار إلى أن هذا التراث مهدد اليوم بسبب العديد من العوامل. وشدد على أهمية تعزيز التعاون الدولي بشكل عاجل للحفاظ على هذا التراث. وأضاف بازيد أن “الورشات الدولية بالداخلة” تمثل منصة هامة على المستوى الإفريقي لمناقشة التحديات الراهنة في مجال حماية التراث البحري، وخاصة على السواحل الأطلسية، بما يتماشى مع الرؤية الملكية وأهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة وعقد المحيطات.
وشهدت هذه الدورة أيضًا تكريم شخصيات ساهمت في الحفاظ على التراث البحري ونقله للأجيال القادمة. إذ كان من بين المكرمين عالم التراث البحري السيد جون إيف بلو Jean-Yves Blot ، الذي عبر عن تقديره لهذه المبادرة بعد 40 عامًا من اكتشافه لسفينة “لاميدوز”. كما تم تكريم شخصيات بارزة ساهمت في حماية هذا التراث الانساني : عبد الله المختار من جهة الداخلة وادي الذهب ، البروفيسور الرباطي العربي، وامباركة منت براهيم من جزيرة أركين بموريتانيا، (سنعود بمقالات تعريفية لكل شخصية من هذه الشخصيات المكرمة)
وتوج هذا الحدث الدولي بتوقيع اتفاقيات تعاون بين مديرية التراث الثقافي بالسنغال، ومعهد التراث الثقافي بالرأس الأخضر، وجمعية السلام لحماية التراث البحري، بهدف تعزيز التعاون في مجال حماية التراث البحري على السواحل الأطلسية الإفريقية. بالإضافة إلى ذلك، تم توقيع اتفاقية شراكة بين جمعية السلام والمعهد البرتغالي للآثار البحرية بهدف رفع قدرات الفاعلين في مجال التراث البحري على المستوى الوطني والإفريقي. وسيشكل تجاوب المجالس المنتخبة على المستوى الجهوي مع هذه المبادرة الدولية عاملا مهم للتسويق المجالي للجهة على المستوى العالمي كعاصمة افريقية للتراث البحري، وذلك بعدما اتفق أطراف الاتفاقية على احتضان جهة الداخلة وادي الذهب مركزا تحت اشراف جمعية السلام لحماية التراث البحري لتنزيل وتتبع مبادرة حماية وتثمين التراث البحري للواجهة الاطلسية بإفريقيا.
وعلى مدار أربعة أيام، تضمنت الورشات الدولية أنشطة متنوعة، منها التدريب على أحدث تقنيات التصوير المساحي، بتأطير من المعهد الوطني للآثار INSAP، المعهد البرتغالي للآثار البحرية CNANS، وجامعة الشيخ أنت ديوب السنغالية. كما تم تنظيم معارض واجتماعات مع الفاعلين المحليين، إضافة إلى زيارات ميدانية لاستكشاف التراث البحري في الجهة، وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية و مديرية تتبع إنجاز ميناء الداخلة الاطلسي و المعهد الوطني للمهن البحرية بجهة الداخلة، ودعم من المجلس الجماعي للداخلة ومؤسسة Mapping Engineering.
